أن يحاول موتورون جلدَ أنفسهم، فهذه مشكلتهم، أمّا أن يحاولوا جلد الشعب اللبناني بأكمله فهذه جريمة جماعية.
موتورون يقضُّون مضاجع اللبنانيين بأخبار على منصَّات مواقع التواصل الإجتماعي عن برقيات وصلت إليهم من هذه السفارة أو تلك، ومضمون البرقيات تحذير رعاياها من زيارة هذا الشارع أو ذاك، أو هذا المول أو ذاك، أو هذه المنطقة أو تلك.
***
الفبركة في غاية البساطة، ولأن الكلام ليس عليه جمرك كما يُقال في العاميَّة، فإنَّ العملية تبدأ على الشكل التالي:
يُرمى خبرٌ في سوق التداول، ورميه ليس بالأمر الصعب، فأيُّ حسابٍ على فايسبوك أو تويتر بإمكانه أن يتولَّى العملية. ومن مواقع التواصل الإجتماعي تبدأ المرحلة الثانية:
نقل الخبر المفبرك إلى صفحات أكثر صدقية، ومنها إلى وسائل أكثر إنتشاراً، ويبدأ التداول بين الناس، والأهم من كل ذلك نَسب ما يتم الترويج له على أنه من مصادر دبلوماسية، فتكون الفبركة على المثال التالي:
تردّدت معلومات إنّ إحدى السفارات الأجنبية أبلغت موظفيها عن إحتمال وقوع هجمات إرهابية خلال عطلة نهاية الأسبوع في بيروت، طالبةً منهم الحذر واليقظة.
وقد طلبت السفارة من موظفيها تجنّب التجوّل في وسط بيروت وشارع الحمرا والمنطقة المحيطة بهما، ولفتت السفارة إلى أنّ معلومة وصلتها من عدة مصادر وتقاطعت في ما بينها، تشير إلى إحتمال وقوع هجمات إرهابية خلال عطلة نهاية الأسبوع، ومن المحتمل أن تستهدف على وجه الخصوص مناطق الحمرا ووسط بيروت والمطاعم في العاصمة ومجمع تجاري في الحازمية.
***
إذا فكَّكنا هذا الخبر الذي يشبه العبوة الناسفة، فماذا نجد فيه؟
بدايةً نجد ترددت معلومات ان إحدى السفارات…
لا عرفنا مصدر المعلومات ولا من أين صدرت، كل ما عرفناه هو الكلمة السحرية ترددت. ثم نقرأ إحدى السفارات، فمَن هي هذه السفارة؟
الفضيحة في الأمر أنَّ إحدى السفارات التي زُجَّ إسمها في الخبر المفبرك، إتصل مسؤول منها بعدد من وسائل الإعلام لينفي أن يكون الخبر صادراً عن سفارته! فهل وصلت الفبركة إلى حدّ استعمال أسماء السفارات لإضفاء صدقية على ما هو مفبرك؟
***
أيها المفبركون، إذا كان لديكم بقية من ضمير فأقلِعوا عن هذه الهرطقات رحمةً بما تبقَّى من أملٍ في هذا البلد.
مرَّت عطلة نهاية الأسبوع، فأين المخاوف التي بشَّرتُم بها؟
لماذا يغيظكم أن تكون المطاعم في لبنان ملآنة؟
لماذا يغيظكم أن يكون صيف لبنان واعداً بالمهرجانات؟
لماذا يغيظكم أن المولات والمجمعات التجارية باتت متنفَّساً للبنانيين؟
ألا ترون ماذا يحصل من حولنا وفي العالم؟
ماذا عن المذبحة التي وقعت في الولايات المتحدة الأميركية والتي أوقعت نحو خمسين قتيلاً والعدد ذاته من الجرحى؟
ماذا عن الجريمة التي وقعت في باريس والتي ذهب ضحيتها ضابط وزوجته؟
حتى مثل هذه المذابح والجرائم يتجاوزها المجتمع الغربي من أجل استمرار الحياة أما نحن في لبنان فنريد إيقاف الحياة بسبب… فبركات.