برزت في الاونة الاخيرة ظاهرة جديدة في الاعلام اللبناني والعربي، يمكن تسميتها بـ “اعلام التغذية الراجعة”، تستند الى فبركات مبنية على فبركات، عن احداث حصلت هنا وهناك، مع اشراك الاعلام العبري بها، اضفاء لصدقية مزعومة، وتأكيدا على مستوى النظرة الدونية للذات والتخلف لدى البعض.
يوجد في اسرائيل مجموعة كبيرة من المواقع الاخبارية على الانترنت، التي تقتات من “الاخبار الصفراء” الصادرة عن الاعلام العربي، على كثرتها، لتختار من بينها ما يجذب القارئ الاسرائيلي، لكن مع ضابطة التأكيد على ان المصدر عربي، و”غير موثوق”، ويحتاج الى دليل. الا انهم في المقابل، وللمفارقة، يعيدون في الاعلام العربي النقل عن هذه المواقع على انها اقرار او كشف او تأكيد لمصادر اسرائيلية، من دون الاشارة الى ان الاسرائيلي نفسه يؤكد ان “الخبر عربي غير موثوق”، واحيانا يكون منقولا عن صفحة ما على الفايسبوك، او حساب على تويتر، مشهود لهما بفبركة الاخبار.
اخر ما صدر عن هذه الظاهرة، ورد قبل أيام وانتشر سريعا في الاعلام العربي، وللأسف ايضاً احدى محطات التلفزة اللبنانية، بأن موقع “روتر” العبري، ينقل عن “مصادر اسرائيلية” ان سلاح الجو استهدف قافلة اسلحة لحزب الله على الحدود اللبنانية السورية، ادت الى مقتل العشرات من الحزب، ومن بينهم قادة بارزين.
الا ان موقع روتر، المتخصص بنقل الاخبار عن مواقع اخبارية عبرية، كان قد نقل هذا الخبر بما فيه، عن حساب على التويتر لأحد المغردين من المعارضة السورية، مع تشديد الموقع على ان الخبر: “غير موثوق”. والخبر غير الموثوق، تحول بسحر ساحر لينقل عن مصدر اسرائيلي، اضفاء لصدقية مزعومة، لينتشر سريعا على صفحات التواصل الاجتماعي على انواعها.
تضاف هذه الظاهرة الجديدة ظاهرة قديمة، ما زالت حية، تنقل عن وسائل الاعلام العبرية ما لم يرد فيها. بل احيانا تصل الفبركة الى حد اختراع وسيلة اعلامية عبرية غير موجودة. وهذه الاخبار تنتقل سريعا على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وتصل احيانا الى وسائل اعلام عربية ولبنانية ايضا، يفترض ان تكون ذات صدقية.
وفي الفترة الاخيرة جرى نقل خبر عن “القناة الرابعة” العبرية، وهي قناة غير موجودة في الاساس. وايضا عن قنوات موجودة، لكن الخبر نفسه غير موجود. والاكثر استخداما من قبل هذه الظاهرة، هي صحيفة “يديعوت احرونوت”، التي سجلت العدد الاكبر من الفبركات، وبمستوى اقل صحيفة “معاريف”. اما لجهة قنوات التلفزة، فجاءت القناة العاشرة في المقدمة، وحلّ موقع “روتر” الأول بين المواقع الاخبارية العبرية على الانترنت.
واذا كانت المدرستان تشهدان على شيء، فانهما تشهدان على النظرة الدونية للذات، اولا، وعلى استخدام اي شيء للاضرار بالاخر، ثانيا. لكن قبل ذلك، تشهدان على انحطاط جديد وصلت اليه فبركات البعض، ولم يقتصر فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، بل امتد ليشمل ايضا وسائل اعلامية لبنانية معروفة.