من المؤسف أنّ المتأمل في حال المنطقة يدرك أنّ المواجهة العربيّة ـ الإيرانية فيها مواجهة ظاهرها مذهبيّ «سُنّي ـ شيعة» ولكنّها في جوهرها مواجهة تاريخيّة بين الإسلام ونار المجوس، وبين العنصريْن العربي والفارسي، وقد أحسن الفرس استغلال أهل البيت وكربلاء الإمام الحسين عليه السلام وتاجروا بهم وما يزالون يتسللون إلى المنطقة من بوابة «التشيّع» لأهل البيت عليهم السلام.
ومن المؤسف أنّ القيادات العربيّة تواجه العقائدي الفارسي الشيعي بخطوات أو تحشيد سياسي، وبالرّغم من تكرار الخسارات في هذه المواجهة التي منيَ بها العرب ما يزالون يستخدمون نفس السيناريو لنفس المعركة وإن اختلفت الدول والمناطق، من المؤسف أنّ العرب لا يقرأون تاريخهم، في التاريخ الإسلامي حذّر الشاعر نصر بن سيار آخر خلفاء بني أميّة من شرّ «أبو مسلم الخراساني» المحيق بدولتهم فقال: «أرى خَلَلَ الرَّمادِ وميضَ نارٍ/ ويوشكُ أن يكون لها ضِرامُ/ فإنّ النّارَ بالعوديْن تذكى/ وإنّ الحربَ أوّلُها كلامُ/ فقلتُ من التعجّب ليت شعري/ أأيقاظٌ أميّةَ أم نيامُ/ فإن يَقْظتْ فذاك بقاءُ ملكٍ/ وإنْ رقدتْ فإنّي لا ألامُ/ فإن يكُ أصبحوا وثوَوْا نياماً/ فقلْ قوموا فقد حانَ القيامُ/ ففرّي عن رحالِكِ ثم قولي/ على الإسلامِ والعربِ السّلامُ».
والعرب حتى هذه اللحظة ما زالوا كما وصفهم نصر بن سيار «أصبحوا وثوَوْا نياماً»، ولم يتغيّر حرفٌ مما دأب عليه الفرس ودينهم ومنذ ذاك التاريخ، ألم يكن نصر بن سيار شديد الصّدق عندما وصفهم قائلاً: «أبلغْ ربيعةَ في مَرْوٍ وإخوتِها/ أنْ يغضبوا قبلَ أن لا ينفعُ الغضبُ/ ما بالُكم تشعلونَ الحربَ بينَكُمُ/ كأنَّ أهلَ الحِجا عن فِعْلِكُم غيبُ/ وتتركون عدوّاً قد أضَلَّكُمُ/ فيمن تأشَّبَ لا دينٌ ولا حَسَبُ/ قومٌ يَدينونَ ديناً ما سمعْتُ به/ عن الرسولِ ولا جاءتْ به الكتبُ/ يا من يكنْ سائلي عن أصلِ دينِهِمُ/ فإنّ دينَهُم أن تُقْتَلُ العَرَبُ»، أليست هذا أجندة إيران وجندُ ولاية فقيهها وأذرعتها في المنطقة العربيّة كلّها، أليسَ هذا دينُ إيران و»مهديها المنتظر»: «قومٌ يَدينونَ ديناً ما سمعْتُ به/ عن الرّسولِ ولا جاءتْ به الكتبُ/ يا من يكنْ سائلي عن أصلِ دينِهِمُ/ فإنّ دينَهُم أن تُقْتَلَ العَرَبُ»!!
«أسطورة» الخراساني، ورايات خراسان، ما زالت مستمرّة، كان الخراساني في التاريخ «أبو مسلم» الذي أسقط الخلافة الأموية، اليوم الخراساني هو «الخامنئي» كما يصوّره كتاب «عصر الظهور»، المؤامرة الفارسية الطويلة مستمرة على العالم العربي منذ أبو مسلم الخراساني وراياته السوداء، من طهران إلى لبنان، والخلاص الوحيد من هذا الحال هو بالخلاص من حزب الله وغطرسته الإيرانية، كلّ السواد الذي لفّ مناطقنا في الأيام الماضية ليس بجديد في تاريخ المنطقة، هو صياغة جديدة لتنظيم المُسوَّدَة في خراسان ـ التسمية بسبب اتخاذهم رايات سوداً شعاراً لهم ـ في لبنان، وكان «المُسّوَّدة» تنظيماً دقيقاً ومحكماً وقد توسّع واستقطب الكثير بدعوى إقامة الحكم لآل البيت» على جري عادة الفرس السّاعين في أرض الإسلام والعرب فساداً وهم يقولون «إنّما نحن مصلحون»، وقريباً ننتهي أيضاً من تقليد الخلايا النائمة للمُسوّدة وخلايا شيعة إيران التي تنتظر لحظة الانقضاض على العالم العربي كلّه، «خِلصْنا» هذا المشروع الفاسد المفسد انتهى!!