Site icon IMLebanon

مواجهة التوطين بالفراغ  والفساد والنظرية التآمرية؟

سوق النظرية التآمرية كانت ولا تزال مزدهرة في لبنان والمنطقة. ومن الأمور التي تحول دون كسادها صعوبة التمييز بين الواقع والخيال وسهولة الخلط بين ما يعرفه البائع وما يجهله الشاري. فهي مريحة لمن يريد تفسير الأحداث بما يخدم أهدافه أو يغطي جهله أو عجزه. وهي أرخص وسيلة للهرب من مواجهة الحقائق والتحديات والتخلي عن المسؤوليات عبر تحميل مشاكلنا للآخرين. ولا فرق سواء كان للآخرين ضلع في مشاكلنا ودور في الحلول أو لا، وكنّا نريد بالفعل حلولاً أو لا.

وليس غريباً، وان كان مستغرباً، وضع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي ورئيس بنك التنمية الاسلامي الى بيروت في خانة المؤامرة. ففي لبنان من يضع قراري مجلس الأمن ١٥٥٩ و١٧٠١ وتقارير بان كي مون الدورية الى المجلس حول ما جرى تنفيذه وما تعثر في باب التآمر. ومن المفارقات ان المؤامرة الحالية مكشوفة وموصوفة بتقديم بعض المال ل توطين النازحين السوريين الذين تصعب عودتهم الى بلادهم وتخاف أوروبا من لجوئهم اليها. والمكشوف يفقد صفة التآمر الذي هو بطبائع الأمور سرّي، وبالتالي يصبح رفضه سهلاً وتدبير التخلص منه ممكناً.

حتى بقاء النازحين كأمر واقع، فإن معالجته تتطلب إنهاء الفراغ وتعطيل المؤسسات والافادة من تقديمات الدول المانحة، وليس استمرار الانقسام الداخلي حول الموضوع وشلل المؤسسات والنظر بريبة وشكوك الي أي مسؤول خارجي يزور لبنان. واذا كان المسؤولون قد خاضوا معركة لوضع تعبير العودة الآمنة محل العودة الطوعية للنازحين، فان ما يفتح باب العودة ليس في يدنا، وهو انهاء حرب سوريا وبدء التسوية السياسية.

غير ان في يدنا، نظرياً، شيئاً آخر، هو اعادة آلة الدولة الى العمل عبر انتخاب رئيس للجمهورية. وهذا ما يقوله الجميع تقريباً كل يوم، وما يسمعه المسؤولون من زوار لبنان الكبار وآخرهم كان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند. وموجز ما قيل للمسؤولين هو ان ربط انتخاب الرئيس واجراء انتخابات نيابية وتفعيل المؤسسات بالمصالحة بين ايران والسعودية ونهاية الحرب في سوريا مسألة خطرة. فماذا لو استمر الصراع الاقليمي طويلاً من دون مصالحة ايرانية – سعودية، واستمرت حرب سوريا سنوات طويلة أخرى؟ هل يبقى لبنان بلا مؤسسات؟ وكيف يواجه التحديات ويعالج مشاكل الناس في مثل هذه الحال؟

منطق سليم بالطبع، ولكن ما علاقة المنطق بما يحدث في لبنان؟ هل بقي فيه شأن داخلي؟ وهل تملك التيارات والقوى المرتبطة بصراع المحاور الاقليمية هامشاً للتحرك المستقل في البلد؟

قمة البؤس أن يكون المنافس الوحيد في سوق الازدهار للنظرية التآمرية هو الفساد.