IMLebanon

حقائق حول كمين رأس بعلبك والجهة التي قامت بتنفيذه

يوما بعد يوم يدخل لبنان أكثر فأكثر في المواجهة مع التنظيمات الإرهابية لا سيما بعد التوقيفات الأخيرة، في وقت بات الإعلام يبحث عن تفاصيل من حياة الموقوفات والموقوفين الذين يمكن وصف كل واحد منهم بـ «صيد ثمين»، وفي مقدمتهم سجى الدليمي وزوجة علي الشيشاني، مع تحول الامن، مفتاح كل الابواب اللبنانية على اختلافها،وان كانت قضايا الارهاب واستقرار البلد الحاضر الاول في المحافل الرسمية من سياسية ودبلوماسية.

واشارت مصادر متابعة لملف العسكريين المخطوفين الى ان الملف عالق عند هوية معتقلتين غيرت من مساره وتداعياته، بانتظار وصول احد ضباط المخابرات القطرية الى بيروت برفقة الوسيط الاساسي احمد الخطيب حاملا معه تعويضات مالية «سخية» قد تغني عن بعض الاسماء المطلوبة، مع تزايد اوراق القوة التي يمكن استخدامها في المفاوضات، والاهم حسم المرجعية الصالحة للتفاوض، علما ان خلية الازمة التي اجتمعت عشية جلسة مجلس الوزراء انتهت الى قرار على الطريقة اللبنانية.

فحرب الارهاب بمعاركها المفتوحة تضيف المصادر، تفترض البقاء على اهبة الاستعداد على مساحة جغرافيته الشرقية التي يتواجد فيها مسلحو «داعش» و«النصرة» بما لا ينفصل عما يجري في سوريا ولا في العراق. من هنا جاءت انجازات الجيش ضاحدة تضليل «صقور» الداخلية العراقية في تكرار لتجربة تبنيهم بطولة قتل البغدادي، ما شكل موضع متابعة من الكثير من الاجهزة العربية والغربية، رغم ان الإعلان عن إعتقال طليقة البغدادي إساءة وعدم إحتراف وعدم معرفة بأدنى أصول العمل الأمني، بحسب المصادر.

ووسط الالتباس الذي ساد حيال حقيقة صلة الدليمي بالبغدادي، تبين انه طلقها منذ حوالى الست سنوات، ولديه منها طفلة اثبتت الفحوص الطبية نسبها، بعكس الصبيين الذي جاءت النتيجة الخاصة بهما سلبية، وقد تبين للمحققين ان الدليمي حامل من رجل فلسطيني اوقف برفقتها، مع ترجيح المحققين بانها تعمل لصالح النصرة، حيث يشغل شقيقها مركزا قياديا وكذلك والدها.

اما امن الجرود المتحرك، على وقع تحقيق مجلة «الدايلي التلغراف» التي نصبت فخا لـ«داعش» فوقع الجيش في الكمين المحكم من جهة، وعوامل الطقس المحتدمة في جرود رأس بعلبك وعرسال حيث تتوالى المحاولات الجدية انما الفاشلة للمسلحين للحصول على ملاذ في القرى اللبنانية يقيهم قساوة الشتاء من جهة ثانية، فيما ربط البعض ما حصل بالسعي الى تهريب ارهابي كبير من لبنان.مصادر عسكرية اشارت الى ان وحدة عسكرية تقوم بمهمة روتينية بالانتقال يوميا عبر طريق ترابي من موقع تلة ام احمد في جرود راس بعلبك باتجاه تلة الحمراء حيث ينصب الجيش كمائن ليلية لحماية مواقعه المتقدمة من اي هجمات ليلية مباغتة، تعرضت آلية عسكرية رباعية الدفع من نوع «تويوتا» تقل ستة جنود وضابط برتبة ملازم اول من عداد فوج حماية الحدود الثاني، لكمين مسلح على بعد عشرات الامتار من احدى المزارع، في نقطة محجوبة عن نظر برج مراقبة موقع «ام احمد» الاستراتيجي المشرف على عرسال وجرودها مرورا بوادي حميد وعجرم وخربة داوود والشاحوط وصولا الى منطقة قارة السورية حيث يتمركز في هذه الجبال المسلحون.

وبحسب المصادر العسكرية تشير التقديرات الى ان المسلحين تسللوا الى منطقة الكمين من بستان قدور والمرصد السوري حيث تتقاطع مع هذه المناطق تلال تخرقها اودوية وممرات ترابية وهي غير مرئية لمواقع الجيش يسهل التنقل عبرها، مستفدين من العامل الجغرافي والتضاريس والطقس التي تشكل سيف ذو حدين بالنسبة للجيش كما للمسلحين، ومن نجاحهم في رصد الانتشار الواسع الذي نفذه الجيش في مراكز متقدمة في جرود رأس بعلبك مع وجود بيئة حاضنة وداعمة لهم داخل مخيمات النازحين المنتشرة في المنطقة وبين الرعاة.

غير ان الاكيد بحسب المصادر العسكرية ان « ثمة أسباب عدة للكمين ولا يمكن الجزم بهدف واحد محدد، اذ تكثر الاحتمالات والتي من ابرزها:

-محاولة فتح ثغرات في جدار الدفاع اللبناني عبر هجمات مباغتة في نقاط معينة، لتأمين معابر آمنة لعناصرهما في مناطق نفوذهم، وايصال رسالة واضحة بأن المواجهة ستظل مفتوحة وأن الاعتداءات لن تتوقف، حتى أن التقارير الاستخباراتية تحذر من الاسوأ في ظل الحشود التي تشهدها المناطق الحدودية، مع ادراك المسلحين أن مسؤولية القضاء على مناطق النفوذ هذه التي ترسم حدودا جديدة لنفوذ الدولة الاسلامية قد أوليت بشكل مباشر إلى الجيش اللبناني.

– رد مباشر على الضربات الموجعة التي يوجهها الجيش إلى هؤلاء المسلحين عبر توقيف مجموعات كبيرة وقيمة من مناصريهم تفوق المئات، ومن بينهم زوجات واقارب مسؤولين في تنظيمي «داعش» و«النصرة»، ما يعني عمليا ان قضية الاسرى ستشهد مزيدا من التصعيد.

-وجود فرضية جدية ترجح ان الهدف كان اسر المزيد من العسكريين، يعزز تلك الفرضية ان الآلية العسكرية تعرضت لوابل من الرصاص من مسافة قريبة دون ان تطلق باتجاهها اي قذيفة مضادة للدروع علما ان الاشتباك الذي حصل شهد استخداما لقذائف «البي 7» من قبل المسلحين.

– جس نبض للمواقع التي تحوي ابراج المراقبة التي بناها البريطانيون ومعرفة مدى استعدادها وسرعة تحرك القوى، ذلك ان المساعدات العسكرية التي بدأ الافراج عنها بدعم اميركي وغربي واضح فرنسي وبريطاني تحديداً، تصب في إطار تعزيز قدرات الجيش في حربه ضد الجماعات الارهابية.

-ارادت ان تبرهن ان الابراج البريطانية التي جرى الحديث عنها في المنطقة وبشكل مضخم عاجزة عن حماية العسكريين والقرى وان باستطاعة هذه الجماعات ان تتجاوز كل العوائق لتصل الى اهدافها.

– الاستهداف جاء في اطار اعمال انتقامية جرى التحضير لها منذ مدة، حيث رصد الجيش مراكز مراقبة متحركة للمسلحين اكثر من مرة جرى التعامل معها بالطريقة المناسبة.

– اعتقادهم بانهم قد يحصلون على صيد ثمين عبر اسر جنود بريطانيين بعدما وقعوا في فخ تحقيق التلغراف، بحسب ما جاء في تغريدة «الدولة الاسلامية» التي تبنت العملية، رغم الرسائل التي وصلت عبر احد المشايخ يتبنى فيها «الشيشاني» العملية متوعدا بالمزيد في حال عدم اطلاق زوجته وولداه، مؤكدا عزمه اصدار بيان يؤكد فيه عدم انتمائه للنصرة.

-محاولة المسلحين اثبات انهم يمسكون بالاوراق على الارض وقدرتهم على تحريك الاوضاع كيفما يشاؤون في ظل الغموض الذي يكتنف الوضع السياسي.

لقد أكد الكمين المخاوف التي سبق وحذرت منها قيادة الجيش من أن الحدود اللبنانية ـ السورية باتت جبهة مفتوحة على حرب استنزاف، بين التنظيمات الإرهابية والمؤسسة العسكرية، في مؤشر على أن المواجهة لن تقتصر بعد الآن على عرسال وجرودها.

فالقراءة السياسية في الاحداث الجارية تزداد تعقيدا وتشعبا كلما استجدت تطورات عسكرية يدفع ثمنها الجيش، من هنا فقد بات ضروريا بعد الاستهدافات المتكررة، من جرود عرسال الى جرود رأس بعلبك، عبر الكمائن المتحركة والعبوات الناسفة، البحث في استراتيجية جديدة للمواجهة، تسمح للمؤسسة العسكرية بإبقاء المبادرة في يدها، وفرض إيقاعها على الارض، بحيث تنتقل من موقع رد الفعل الى الفعل، في ما خص المواجهات الميدانية.