IMLebanon

حقائق تُكشف للمرة الأولى عن «داعش» في جرود القلمون

اقتَحَمت الرايات السود بياض الثلوج في جرود القلمون، وأصبحت «داعش» متربّعة على قراره من خلال تجنيد وحشد وتسليح وإعادة تموضع هو الأوّل من نوعه منذ سكَن المسلحون جرود القلمون وعرسال.

شهراً ونصف الشهر استغرقت «داعش» لتنفض نفسها وتعيد بناء بنيانها العسكري والأمني لتفرض نفسها قوّة ضاربة بين مسلّحي الجرود بقرار مباشر من أميرها أبو بكر البغدادي وبمتابعة من الشرعيين الذين أوفدهم الى القلمون للإمساك بزمام الامور، قاطعين مسافة بعيدة من شمال إدلب الى شمال حمص، فالقلمون.

وتشير معلومات أمنية لـ«الجمهورية» الى أنّ عديد «داعش» قارب 3000 مسلح، بعدما انضمّت اليها ألوية «الجيش السوري الحر»، وهي: لواء الفاروق (300 مسلح) لواء القصير (300 مسلح) لواء الحق (400 مسلح) لواء التركمان (200 مسلح) كتيبة المقنع (70 مسلحاً)، مع الاشارة الى أنّ ابو بكر البكار المعروف بـ»المقنع» سُجن وجُلد، وتحدثت معلومات عن مقتله على يد «داعش».

كما بايعت الدولة الإسلامية أيضاً جماعة عرابة ادريس (نحو 100 مسلح)، والاخير لم يقتل بل تمّ جلده وهو يخضع حالياً لإمرة «داعش». بالإضافة الى مجموعة ابو الهمام جمعة، وهي اوّل من بايعت «داعش»، وصقور الفتح (300 مسلح) وكتائب 77 (200 مسلح)، عدا عن فصائل صغيرة لم تأخذ وقتها للمبايعة خوفاً من المد الداعشي الذي اجتاح الجرود.

واذا كان «الجيش السوري الحر» قد اختار مبايعة «داعش» إمّا خوفاً أو اقتناعاً بأنّ الكلمة ستكون «لجماعة الدولة»، كما يسمونها في هذه الجرود الواسعة، وهي حق وعلى الجميع التوحّد تحت رايتها، فإنّ المفاجأة كانت بتراجع قوة أمير «النصرة» الشيخ ابو مالك التلي بعدما كان صاحب الكلمة والقرار، وخصوصاً بعد أحداث عرسال.

لماذا وصلت «داعش» سريعاً الى هذا المستوى من القوة؟

تشير المعلومات الى أنّ «داعش» أعادت ترتيب صفوفها، وقد نصَّب أبو بكر البغدادي، أبو الهدى السوري، أميراً عليها حديثاً. وأبو الهدى معروف عنه صلابته وشراسته، وهو كان مسؤولاً عن «لواء الغرباء»، وكان سابقاً مع الدولة الاسلامية إبّان وجود الجيش الاميركي في العراق.

أمّا نائبه، فهو الامير العسكري الاحوازي. والاحوازي الذي انتقل من «النصرة» الى «داعش» أعطاها قوة دفع رباعية نظراً إلى خبرته القتالية العالية، فيَصفه من حَوله بأنّه «داهية» يضرب بيد من حديد، مع الاشارة الى أنّ الاحوازي هو الذي خطَّط قبل عام لاجتياح قرى بقاعية، ووضع الخطة العسكرية الكاملة ووزّع المهمات على المجموعات المسلحة.

لكنّ إرباكاً لدى بعض هذه المجموعات وانسحابها من الخطة، بالإضافة الى قوة «حزب الله» الذي استنفَر على الحدود حاشداً عديده وناصباً صواريخه، جعلته يتراجع عن خطة اقتحام قرى بقاعية مُلقياً اللوم على بعض القيادات المسلحة آنذاك متهماً إيّاها بالتخاذل.

كما أنّ الاحوازي هو الذي خطّط لمعركة الساحل السوري، وقد طُلب منه الانتقال الى شمال سوريا للتخطيط للمعركة من هناك. ويقود «داعش» حالياً مجلس عسكري شرعي مؤلف من أمراء يساعدون الأمير العام أبو الهدى، وهم: أبو بلقيس (شرعي وعسكري سعودي الجنسية)، ابو الوليد المقدسي (فلسطيني الجنسية)، وأبو الزبير يمني الجنسية. أمّا أبو عبد السلام الأمير السابق فقد تمّ إقصاؤه، وتقول بعض المعلومات إنّه أصبح برُتبة جندي لدى «داعش».

وقد استطاعت «داعش» أن تدخل دعماً عسكرياً خلال الاشهر الماضية، وقد وصلها أخيراً 40 قناصة «دوشكا»، وصواريخ مضادة للدروع وصواريخ «غراد» ومدافع «هاون» و»ب 10» و»نون 29»، كما وصلها دعم بشري على دفعات تخطّى الـ 500 مسلح.

وقد تولى الامراء العسكريون ترتيب الإجراءات العسكرية والأمنية، وتغيَّرت المقرات ونُصبت العديد من الحواجز والمتاريس، ووزّعت «داعش» مجموعاتها على نقاط عدة دخلت فيها الى عرين «جبهة النصرة»، إذ تركت الجبهة وادي مرطبيا وميرا والزمراني، وحشدت قوتها في اتجاه فليطا وعسال الورد، ونصبت مراصد مقابلة لمراكز الجيش اللبناني. فيما وزّعت «داعش» قوتها العسكرية من الزمراني الى جبال موسى، فالتلال المقابلة لرأس بعلبك.

وتفيد المعلومات انه في الاجتماع الاخير بين «داعش» و«النصرة» والذي حصل فيه الطلاق النهائي، اتّهم أبو الوليد المقدسي أمير «النصرة» الشيخ ابو مالك بأنه كافر ويوالي الكفّار لأنّه قاتل مع «الجيش الحر» صفاً واحداً، وهدَّده بالقتل.

ونُقل عن ابو مالك قوله لمناصريه إن لا خيار أمامنا سوى فتح طريق في اتجاه القلمون، والسيطرة على بعض القرى من أجل حماية ظهرنا ومواجهة «داعش»، وهذا ما حاولت «النصرة» فعله في معركة فليطا الاخيرة، لكنّ «حزب الله» والجيش السوري كانا في المرصاد.

كما نُقل عنه أنّه لن يبايع «الدولة»، ولَو كلّفه الجولاني بذاته، وهو يفضّل الانسحاب من القتال العسكري على المبايعة. وتسعى «داعش» حالياً، على رغم أحوال الطقس الصعبة في جرود القلمون، الى فتح طريق في اتجاه الشمال السوري، وهي تُركّز معركتها على هذا الهدف قبل محاولة الدخول الى لبنان.

لكنّ «النصرة»، وبحسب المعلومات، ستعترضها (شرق مهيب) ولن تُعطيها مجالاً للتوسع، كما أنّ الاخيرة ستسعى الى العودة لمنطقة القلمون والقصير. ما يعني أنّ عملية شد حبال خطيرة تحصل حالياً بين «داعش» و»النصرة» في القلمون، والعين على إمكانية أن تتحوّل قتالاً عسكرياً دامياً بينهما للسيطرة على المنطقة.

والسؤال أين «حزب الله» من هذه المعركة؟ هل سيقف وقفة المتفرّج أم أنّ التطورات العسكرية المحتملة والمحتمة ستعيد خلط الاوراق وستفجر في القلمون بركاناً لن يسلم لبنان من شظاياه؟ وهل باتت السلسلة الشرقية على موعد مع معركة قلمون 3؟ والى أيّ مدى سيتحكّم الامير «الابيض» بحرب الامراء؟ وبين كل هذا يبقى السؤال الاكبر: ماذا سيحلّ بالعسكريين المخطوفين؟