مسؤول غربي بارز وثيق الصلة بالملف السوري شدّد في لقاء معه في باريس بعد تأجيل اجتماعات مؤتمر جنيف الى أواخر الشهر الجاري على “ان الادارة الأميركية لن تواصل التعاون مع القيادة الروسية في سوريا من أجل ضمان تغطية سياسية دولية – اقليمية لعملياتها الحربية الواسعة النطاق التي تستهدف المدنيين وقوى المعارضة المعتدلة وتتركز على دعم حرب نظام الرئيس بشار الأسد ضد شعبه المحتج، إذ ان الاتفاق بين واشنطن وموسكو يستند الى قاعدة أساسية هي ان الحرب لن تحل الصراع السوري وان من الضروري العمل معاً من أجل وقفها لأنها لن تحقق النصر الحقيقي لأي طرف، ومن أجل دفع الأفرقاء المعنيين الى التعاون جدياً وانجاز الحل السلمي للأزمة وإنهاء “الكارثة السورية التي لم يشهد العالم مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية” كما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وأوضح المسؤول الغربي أن الاتفاق الأميركي – الروسي غير المعلن رسمياً والذي اطلعت عليه جهات أوروبية وإقليمية رسمية يتضمّن خصوصاً المسائل الأساسية الآتية:
– أولاً: لم تتفق واشنطن وموسكو على بقاء الأسد ونظامه لأن لدى الادارة الأميركية اقتناعاً تاماً بأن رحيل الأسد وقيام نظام جديد تعددي يضمن الحقوق والمطالب المشروعة للغالبية وللأقليات شرطان أساسيان ضروريان لوقف الحرب وانجاز السلام والاستقرار وتعزيز فرص القضاء على تنظيم “داعش” والارهابيين.
– ثانياً: اتفقت واشنطن وموسكو على ضرورة العمل معاً من أجل انجاز الحل السياسي الحقيقي الشامل للأزمة ودفع الأفرقاء المعنيّين إلى السير في هذا الاتجاه، إذ أن الأميركيين يرفضون تكرار تجربة العراق في سوريا وليسوا راغبين في إسقاط نظام الأسد من طريق القوة العسكرية، خصوصاً انه يدمّر ذاته بذاته، بل يريدون الحفاظ على مؤسسات الدولة مع التشديد على ضرورة إجراء تغييرات وإصلاحات مهمّة فيها تنسجم مع متطلّبات الانتقال إلى مرحلة السلام والتفاهم بين السوريين. وتعهّد الروس للأميركيّين دفع الأسد إلى قبول متطلّبات الانتقال إلى مرحلة السلام من غير الاعلان صراحة عن ذلك.
– ثالثاً: اتفقت واشنطن وموسكو على ضرورة إيجاد الظروف المناسبة لإطلاق عملية جنيف التفاوضية والسير فيها إلى النهاية والتعاون من أجل تجاوز العقبات التي تعترضها، ويشمل ذلك تشجيع الأفرقاء وخصوصاً النظام على وقف الاستهداف العشوائي للمدنيين ورفع الحصار وضمان وصول المساعدات الإنسانية الى المحتاجين ووضع حد لسياسة التجويع وتخفيف حدة القتال تدريجاً وصولاً إلى وقف الحرب وحل الأزمة من طريق التفاوض بين ممثلي النظام والمعارضة المعتدلة.
– رابعاً: اتفقت واشنطن وموسكو على أن نجاح مفاوضات جنيف يتطلب تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 2254 الذي يطالب بالتطبيق الكامل لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 وينص على ضرورة الانتقال السلمي للسلطة الى نظام جديد يحقق التطلّعات المشروعة لجميع السوريّين وعلى تشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام والمعارضة وتمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة. وستعمل هيئة الحكم على صوغ دستور جديد وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية تعدّدية حرة وشفافة في إشراف وادارة الأمم المتحدة ضمن المهلة المحدّدة في القرار 2254. وقد رفضت واشنطن فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية بديلاً من هيئة الحكم.
– خامساً: اتفقت واشنطن وموسكو على مناقشة مصير الأسد في مرحلة لاحقة بعد إحراز تقدم حقيقي في المفاوضات، إذ أن الأميركيين على اقتناع بأن مصيره سيحسم بسهولة أكبر بعد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
– سادساً: اتفقت واشنطن وموسكو على أن مرحلة ما بعد الحرب مهمة جداً ويجب الإعداد لها منذ الآن وانها تتطلّب تعاوناً جدياً دولياً واقليمياً واسعاً ومساعدات مالية ضخمة من أجل حل المشكلات الهائلة وفي كل المجالات التي تواجهها سوريا وأبرزها اعادة البناء والاعمار وتسوية مشكلة ملايين المهجرين والمشردين وتوحيد السوريين وتحقيق السلم الأهلي. ووقف إطلاق النار ليس كافياً لانهاء الحرب، بل يجب إنقاذ سوريا من كوارثها من أجل طي صفحة الحرب.
وخلص المسؤول الغربي إلى القول: “ان محادثات جنيف ستنهار وتفشل عملية السلام السورية ما لم تنفذ القيادة الروسية التزاماتها بصفتها راعية عملية التفاوض مع أميركا وما لم تحترم موسكو مضمون اتفاقها مع واشنطن وتتعاون معها جدياً من أجل العمل على انقاذ سوريا وليس حماية نظام الأسد من السقوط. فالتمسّك ببقاء الأسد ونظامه بقطع النظر عن الثمن الباهظ الذي يدفعه السوريّون وعن تدمير سوريا يقود الى حرب طويلة يخسر فيها الجميع ولن تحقق للقيادة الروسية فيها أي مكاسب حقيقية”.