قناعة واسعة ببراءته وسط تخبُّط القضاء في «ورطة» سماحة
عودة فضل شاكر للغناء.. هل تكون مقابل حريته أم يصوغ تجربة رائدة في الفن الوطني والديني؟
فضل شاكر.. ما هو قراره؟!
كانت المقابلة التي أجراها الفنان التائب فضل شاكر مع الزميل حسين خريس، أكثر من موفّقة، شكلا ومضمونا، كونها جاءت واضحة وبسيطة، وغير مندرجة في إطار الاستغلال الإعلامي أو الاستهداف لفضل، الذي تعرّض لحملة تشويه منهجية منذ أحداث عبرا حتى اليوم.
الواضح أن قناعة تشكّلت لدى كل من قارب الموضوع من قيادة الجيش إلى الوزراء المعنيين بالأمن وليس انتهاء بالحقوقيين والقضاة المستقلين عن التجاذبات السياسية، ولدى شرائح واسعة من الرأي العام.. بأن فضل شاكر لم يتورّط في قتال الجيش في مواجهات عبرا التي شهدت إشعال عناصر (سرايا «حزب الله») للفتنة بين الجيش وبين الشباب المؤيّدين للشيخ أحمد الأسير، وما تلاه من اجتياح لصيدا وانتهاك لحرمات واعتداء على المؤسسسات الخيرية والاجتماعية، وصولا إلى حصار قصر النائب السيدة بهية الحريري..
ماذا قال فضل شاكر؟
أكد فضل أنه لم يشارك في القتال ضد الجيش اللبناني ولم يحرّض على القتال ضد الجيش اللبناني وليس له أي دخل في معركة عبرا، معتبراً أن «قائد الجيش اللبناني جان قهوجي وعددا من ضباط الجيش اللبناني يدركون تماماً أنه لا يمكن أن أطلق النيران على الجيش اللبناني، لأنه هذا جيشنا وحامي بلادنا».
وأكد فضل أنه مستعد أن يسلّم نفسه للقضاء النزيه والعادل، متسائلا: لمن يسلّم نفسه اليوم في ظل هكذا قضاء؟! وأكد عدم وجود أي قضايا أو دعاوى ضده ويفترض بالقضاء اللبناني أن يظهر براءته، موجّهاً السؤال الى القضاء اللبناني «وين صرتو بقضيتي؟»، وأكد فضل وجود قضاء نزيه وقضاة يخافون الله وعلى البعض أن يرفعوا القيود عنهم.
من جهة ثانية، نفى فضل أن يكون قد قصد في أحد المقاطع المصوّرة بكلمة «فطسيتين» الجيش اللبناني، وما قاله يتعلق بقتيلين لسرايا حزب الله، ولم يقصد أبداً الجيش اللبناني، ولكن بعض وسائل الإعلام زوّرت الحقائق، وعن السلاح الذي كان يحمله أكد على أن جميع الأسلحة التي كانت بحوزة مرافقيه مرخّصة من وزارة الدفاع اللبنانية وأنه لا يعرف كيف «يقوّص» ولم يشارك في أي دورات قتالية، وكشف عن تعرّض بيته قبل معركة عبرا للسرقة والحرق وسط صمت الدولة اللبنانية حينها.
دعوات لعودة فضل عن الاعتزال
وصف فضل شاكر تضامن بعض الفنانين اللبنانيين والعرب معه بأنها وقفة رجال وقال «بعض الفنانين رجال وقفوا وقفة رجال معي ومتضامنين معي وأشكرهم».
في هذه الأجواء، أطلق عدد من الفنانين دعوات، فقد لقيت إطلالة فضل حفاوة وترحيبا في الوسط الفني، ورحّبت أحلام بهذه الإطلالة، وردّت على تغريدته التي أعلن فيها أنه سيطلّ عبر محطة «MTV»، وقالت: «يا سلام في إنتظارك يعني رح نستمتع بصوتك العذب قريبا».
تعليق أحلام التي قالت إنها ستستمتع بصوت فضل شاكر العذب «قريباً»، اعتبره البعض إشارة إلى أن فضل شاكر سينهي اعتزاله الغناء قريباً، لا سيما وان الفنانة شيرين عبد الوهاب سبق لها أن أطلقت مفاجأة تتعلّق بفضل شاكر، أثناء إحيائها مهرجان «هلا فبراير»، وقالت: «الفنان يشعر بقيمته أمامكم وبغضّ النظر عن آراء الجميع السياسية، هناك فنان كبير يرسل لكم سلاماً كبيراً هو النجم فضل شاكر. أتمنى أن ندعمه جميعاً ليعود للغناء مجدداً واسمحوا لي أن أغني له من أعماله».
وقبل شيرين أعلن الفنان فارس كرم في مهرجان «سوق واقف» بقطر أنه يتمنى عودة فضل شاكر للفن وان الساحة الفنية تفتقده.
وإذا كان من معنى لهذه المواقف، فهي أن مكانة فضل لم تهتزّ على المستوى الجماهيري، وما قدّمه فضل على الصعيدين الفني والديني، بقي حاضرا بشكل راسخ لدى المتابعين في كلا المجالين.
قناعة ببراءة فضل شاكر
الواضح الآن أن جوا جديدا بات سائدا في لبنان والعالم العربي، وفي الوسط الفني، أن فضل شاكر لم يتورّط في قتال الجيش اللبناني وأنه تعرّض لظلم شديد، خاصة لجهة الاعتداءات العنيفة التي طالت منزله تحت نظر الأجهزة الأمنية، ووسط لامبالاتها، ثم تحريف مجريات الوقائع، في ظل استمرار الشعور الكبير والمتمادي بالمظلومية والاضطهاد والتعسّف قبل وبعد أحداث عبرا، والاستغلال السياسي الفج والوقح لقضية أهالي ضحايا الجيش في تلك الأحداث المؤسفة.
هناك قناعة واضحة بضرورة إيجاد مخرج قانوني لفضل شاكر، بعد أن سقط القضاء في «حفرة» ميشال سماحة، وبات من المسلَّم به أن القضاء العسكري ومواقع قضائية أخرى باتت تقع تحت هيمنة طرف سياسي مستبد، يتلاعب بالقانون ويسخّر أجهزة الدولة، بما فيها القضاء، لمصالحه الخاصة.
أما عودة فضل إلى الغناء، فأمر نتمنى أن لا تكون عودته إليه ثمنا لحريته، وما نرجوه له أن يعود فيصنع خطا جديدا في الفن الملتزم الوطني والديني، لأن عودته إلى الغناء، ستشكّل مادة شماتة مستدامة من قبل «حزب الله» ونموذجا سلبيا، ومصدر إحباط في الجو السنّي، في حين أنه يستطيع مواصلة طريقه ورسالته في إطار مستقر وثابت لا تسمح لأي جهة باستهدافه أو استغلال الظروف التي أوصلت فضل إلى الواقع الراهن.