IMLebanon

فضل الله يقدّم جردة ملف «مكافحة الفساد»: لن نسمّي… على القضاء أن يحاسب

 

 

10 ملفات فساد فنّدها يوم أمس النائب حسن فضل الله بالوثائق والأرقام. أما المتورطون فأسماؤهم «عند القضاء، وعليه هو أن يحاسبهم»

 

بالأرقام، يستطيع النائب حسن فضل الله سرْد عشرات الصفحات لِملفات الفساد الموجودة في حوزتِه. وهي ثمرة لجهود مُستمرة في حرب أطلَقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبلَ عامين. أما الأسماء، فلا يُمكن لعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» سوى «حجْبها» عن محكمة الرأي العام. يعني، تُكشَف الجريمة ولا يُكشَف المُجرِم؟ إذاً مَن هُم الذين سرقوا وأهدروا مالَ الناس؟ «العِلم عندَ القضاء»، والقضاء وحده، يجيب فضل الله.

 

غالباً، ما كانَ اعتماد حزب الله لمبدأ «عدم التشهير» بالناس، هو الخاصِرة الرخوة التي تُستَخدَم، لكلّ مَن أراد اتهام الحزب بأنه غير جادٍّ في هذه الحرب. ولقد شكّل هذا الأمر مراراً مادة للاستهزاء بالمواقف أو التصريحات التي سبَق وأعلن خلالها فضل الله عن ملفات فساد ومتورطين، من دون الكشف عنهم، والُمطالبة بالكشف عن «الرؤوس الكبيرة» التي ستَطير.

مع ذلِك، تتقّدم هذه المنهجية على ما عاداها، وقد التزمها أمس فضل الله في مؤتمره الصحافي الذي عرض خلاله عدداً مِن الملفات، توثّق بالأرقام والمُستندات كيفَ سُرِقت أموال الناس، لكن من دون الأسماء «كما يريدها الرأي العام»، مع التشديد على «مسؤولية القضاء في متابعتها ولمحاسبة المتورطين، وهو يملك كل المعلومات حولها».

يظهر أن حزب الله يُفضّل سلوك الطريق «الأسلَم» في مسار مُدجّج بأفخاخ الداخِل وألغامِه. ثمة من ينسى، أن «المقاومة» مهما فعلت، فإنها ستبقى مرجومة، وهناك من لن يُوفّر وسيلة لإغراقها في حرب «أصعب من الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي». وكما يجرى تحوير «كل شيء» تقريباً، طائفياً ومذهبياً، فإن «الفاسدين أيضاً سيستخدمون هذا السلاح الطائفي والمذهبي لمنع محاسبتهم واستعادة ما سرقوه، وسيتحصّنون بالحمايات السياسية». لذا ليسَ أمام الحزب ترف «إقامة محاكم ميدانية وثورية بصلاحيات استثنائية»، بل خوض هذه الحرب «بالوسائل القانونية المتوفرة».

 

المبالغ التي لا تزال قيد التدقيق هي بقيمة 30 مليار دولار

 

 

هذه خلاصة المقدمة التي استهلّ بها فضل الله مؤتمره الصحافي، قبلَ أن يشرح عن 10 ملفات، سبَق وأن «شربها» المواطِن وصارَ يحفظها عن ظهر قلب، وهو التوّاق اليوم إلى لمس النتائج بدلاً من تكرار هذه الأرقام على مسامعه. لكن فضل الله ركّز على القضاء ودوره في المُحاسبة، وكأنه يضعه أمام الاختبار وفي الواجهة. فبعد كل ملف حدّد فيه الجهة المسؤولة وحجم الهدر ومسار التحقيق والنتائِج، كان يُنهي الحديث بالرجوع إلى القضاء الذي يملِك كل المستندات وعليه أن يُحاسب المرتكبين، مُحملاً «المسؤولية القانونية لكل قاضٍ جرى تقديم شكوى لديه عن فساد».

زادَ فضل الله على الملفات المعروفة، أخرى لم يسبِق أن كشَف عنها، أو عن نتيجة التحقيق بها، كملف المحروقات التي قُدّرت قيمة الهدر فيه بـ21 مليون دولار، وتقارير ديوان المحاسبة عن قرار إلغاء الرسوم الجمركية الذي لم يستفد منه المواطن. وقد وزّع خريطة هدر الأموال العامة ما بين الموازنة والمؤسسات العامة (الكهرباء والاتصالات والجمارك…)، والمصرف المركزي، داعياً الحكومة إلى إجراء تدقيق مالي بالمجالس والصناديق، مؤكداً ضرورة أن «لا يكون السقف الزمني مفتوحاً».

الملفات التي عدّدها فضل الله منها ما حقّق التدقيق فيها بعض التقدم مثل «تخفيض الهدر في الموازنة»، وملف الأدوية لجهة «تخفيض الفاتورة الطبية»، أو ملف الاتصالات الذي أدى إلى استرداد هذا القطاع، وتوقيف أشخاص في ملف الإنترنت غير الشرعي وإصدار أحكام بحقهم؛ ومنها لا يزال عالقاً في الأدراج ومُقفلاً عليه بضغط سياسي كملف الحسابات المالية، على سبيل المثال، والتي أشارت الوثائق إلى حجم التدخلات في تغيير أرقام هذه الحسابات في فترات سابِقة، بينما المبالغ التي لا تزال قيد التدقيق هي بقيمة ٣١ مليار دولار!

أما في السياسة، ورداً على سؤال «الأخبار»، عن اتهام «الحزب» بتغطية الفساد، من خلال عدم السماح بالمسّ بأيّ من حلفائه أو شركائه أو أصدقائه أو فتح ملفات تطاولهم لاعتبارات عديدة، فأجاب فضل الله: «هل استدعى القضاء أيّ وزير أو نائب أو مسؤول من أيّ جهة كانت محسوبٍ على حلفائنا أو غير حلفائنا ودافعنا عنه؟ خلي القضاء يستدعي أي فاسد من أي حزب كان حليفاً أو غير حليف وحاسبونا اذا منعناه».