Site icon IMLebanon

إخفاقات «حزب الله» بالحرب السورية تُرخي بتداعياتها على الواقع السياسي الداخلي

إخفاقات «حزب الله» بالحرب السورية تُرخي بتداعياتها على الواقع السياسي الداخلي

إتساع النقمة الشعبية ضد ممارساته ورفض عارم لهيمنته على مفاصل الدولة

«الأحداث المتلاحقة والإرباكات والإخفاقات المتواصلة التي مُني بها الحزب، إنعكس تأثيرها على نتائج الإنتخابات البلدية التي خاضها في مناطق نفوذه»

لاحظت مصادر سياسية بارزة أن جملة أحداث لافتة حصلت في الآونة الأخيرة على الصعيدين المحلي والسوري من شأنها أن تؤثر على الواقع السياسي الداخلي في المرحلة المقبلة، بالرغم من حالة الجمود الناجمة عن تعطيل «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» لانتخابات رئاسة الجمهورية منذ ما يقارب العامين.

وأشارت المصادر إلى أن محاولة الحزب مستقوياً بقرار النظام الإيراني الاستئثار بالواقع السياسي اللبناني بقوة السلاح وتعطيل المؤسسات الدستورية على أمل توظيفها في الحصول على مكاسب جرّاء أي تسوية للحرب الدائرة في سوريا والتي تشارك فيها طهران بفاعلية كبيرة، أصيبت بانتكاسات وإخفاقات عديدة في الآونة الأخيرة، بدءاً بالعجز الفاضح في تحقيق إنتصارات حاسمة ضد قوى المعارضة السورية المسلحة واستمرار تآكل قدرة النظام السوري وتراجعه، ومروراً بالتدخّل العسكري الروسي الواسع الذي استهدف مواقع المعارضة المعتدلة على وجه العموم واستثنى أماكن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» إلى حدٍّ ما، وأمسك من خلال هذا التدخّل بنفوذ بارز في اتجاهات الحرب السورية وقلّص إلى حدٍّ ما الاستئثار الإيراني المهيمن منذ نشوء الثورة السورية وحتى الأمس القريب، ومن ثم الاستنزاف المتواصل لقوى التحالف الإيراني التي تضم الحرس الثوري و«حزب الله» والميليشيات العراقية والأفغانية على الساحة السورية والاغتيالات المتواصلة لقادة «حزب الله» البارزين وعناصره التي فاقت ما كان مقدّراً سابقاً وانعكست سلباً على واقع الحزب بالداخل اللبناني وزادت في الانتقادات السياسية ضد تدخله بالحرب السورية وفاقمت النقمة ضده حتى من الشرائح والداعمين له.

ولم تقتصر هذه الانتكاسات جرّاء تدخل «حزب الله» عسكرياً في الصراع السوري فحسب، بل أدت الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج العربي والعديد من الدول العربية والإسلامية باعتباره منظمة إرهابية ووالعقوبات المصرفية الأميركية ضده وضد الدائرة اللصيقة به والتزام المصارف اللبنانية بتطبيقها لاستحالة معارضتها أو التملّص من تنفيذها، إلى زيادة إرباكات الحزب بالداخل اللبناني وتفاعل الانتقادات لممارساته وتدخله في الحروب الأهلية وتهديد أمن العديد من الدول العربية.

وتعتبر المصادر السياسية البارزة أن هذه الأحداث المتلاحقة والإرباكات والإخفاقات المتواصلة التي مُني بها الحزب، إنعكس تأثيرها بوضوح على نتائج الإنتخابات البلدية التي خاضها في مناطق نفوذه والتي أظهرت بوضوح تحوّل المزاج الشعبي بنسب بارزة ضد سياساته وممارساته في الداخل والخارج على حدٍّ سواء بالرغم من كل ما بذله من جهد وتدخل وترهيب المعترضين وصرف الأموال لحسم النتائج لصالحه، قياساً عن الفترة السابقة التي كان يتمتع فيها بتأييد أوسع ضمن هذه المناطق ذات الثقل الشعبي الداعم له، لأن كثيرين من هؤلاء المؤيّدين أصبحوا على قناعة بتحوّل الحزب من حركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى أداة إيرانية لتنفيذ مشروع الهيمنة الإيراني ضد الدول العربية وبالتالي تحوّل البندقية المقاومة إلى بندقية في خدمة مشروع إقليمي لا يصبّ في مصلحة لبنان واللبنانيين على الإطلاق.

وتوقعت المصادر السياسية ان ترخي هذه الأحداث والاخفاقات التي مني بها الحزب بنتائجها وذيولها على الساحة الداخلية والواقع السياسي السائد حالياً في المرحلة المقبلة التي قد تطول أكثر مما هو متوقع نظراً لارتباط تدخل «حزب الله» عسكرياً بالداخل السوري بمسار حل الأزمة السورية والحسابات والمصالح الإقليمية والدولية المتشابكة. الا انه لا يمكن التغاضي عن حركة الاتصالات والجهود المبذولة من دول صديقة ومؤثرة لمساعدة لبنان على تجاوز التعقيدات والصعوبات التي تعترض انتخاب رئيس للجمهورية وحل أزمته السياسية وهي جهود متواصلة على أكثر من صعيد.

ويضاف إلى ذلك المزاج الشعبي اللافت الذي ظهر في الانتخابات البلدية والرافض بمجمله لأداء الطبقة السياسية المهادن لإمعان «حزب الله» وحلفائه في مصادرة الحياة السياسية ومفاصل الدولة اللبنانية واستمرار تدخله غير المبرر في الحرب ضد الشعب السوري الثائر ضد النظام الديكتاتوري. وهذا الواقع المستجد يُشكّل عاملاً اضافياً ضاغطاً لا بدّ وأن يأخذ مداه ويتفاعل مع جملة الأحداث المتسارعة ويؤدي إلى تحريك الساحة السياسية الداخلية باتجاهات جديدة لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها وانعكاساتها، ولكن الثابت ان المكابرة والاستقواء والرهان على ما يسمى «الانتصارات» بالحرب السورية لاستثمارها بفرض واقع سياسي أو تغييرات بأسس النظام اللبناني باتت أكثر صعوبة.