مبروك للمستفيدين من سلسلة الرتب والرواتب. مبروك للمستفيدين سياسيا من إقرارها بعد خمس سنوات من تراكم الوعود والمواعيد بلا خطوة عملية. وكان الله في عون القلقين حيال الآثار السلبية للضرائب، بعد اندفاع المجلس النيابي والحكومة في تقليد مبدأ تاتشر القائل: إفعل ما تريده اليوم، واقلق غدا. فالكل يكرر القول، بالاقتناع أو بالخداع، ان السلسلة حق مستحق للموظفين منذ سنوات. لكن الكل يعرف الفارق بين تكريس الحق وبين طريقة إحقاق الحق. والمعيار في الادارة كما في السياسة والمال والاقتصاد هو موقع الحق لأي فئة أو قطاع في اطار الحق العام للدولة والمواطنين.
ذلك ان التشريع المالي من دون دراسة الوضع الاقتصادي هو في أحسن الأحوال تشريع ارتجالي. وفي كل المدارس الاقتصادية على اختلافها، أقله من أيام كينز الى اليوم، نوع من الاجماع على المخاطر والأخطاء في فرض ضرائب جديدة حين يكون الاقتصاد في حال انكماش والدين العام في تصاعد سريع. فالرئيس ميشال عون رأى انه كان من الأفضل إقرار الموازنة ثم السلسلة بعد تحديد موارد لتمويلها بدل ان يفتش الجميع اليوم عن ايرادات للتمويل. ولم يكتم القول، وهو يدعو الى تصحيح بعض النقاط في قانون السلسلة، انه كان يجب وضع دراسة لمعرفة تأثير السلسلة على النمو الاقتصادي ووضع لبنان المالي. والرئيس سعد الحريري الذي كان يفضل ربط السلسلة بالموازنة قال ان السلسلة سلة واحدة: اصلاحات وموارد وضرائب.
لكن ما حدث في المجلس النيابي هو السير في الاتجاه المعاكس: سلوك الطريق العسكري السريع لتمرير السلسلة بعد سنوات من الطرق المغلقة. ومختصر الصورة بعد اقرار القانون هو: الارقام كبيرة، الاصلاحات تجميلية او هامشية، والضرائب مؤذية. ولا مفاجأة في ذلك. فلم يكن بين التوقعات، وان ارتفعت اصوات داخل السلطة وخارجها تطالب بوقف الهدر وترشيد الانفاق قبل البحث في الضرائب، ان يتم التخلي فجأة عن مسار طويل من حماية السطو على المال العام ومن سياسات ضريبية تخدم الاقتصاد الطفيلي والريعي والنيوليبرالي. ولا كان رئيس الكتائب الشيخ سامي الجميّل الذي أعلن الاستعداد للطعن بالقانون هو الوحيد المحذر من كارثة اقتصادية.
والسؤال هو: الى اي حد يمكن تصحيح القانون عند مناقشة الموازنة واقرارها؟ والجواب المطلوب ان التصحيح حق للدولة بمقدار ما هو واجب ملح. ومن باب الاحلام حديث الاصلاح الجدي في الادارة من دون اصلاح في النظام السياسي.
وعاشت الشعبوية.