IMLebanon

فيصل كرامي: إرثنا السياسي ليس حساباً مصرفياً

«لو مر على وفاة الرئيس عمر كرامي أربعون عاماً، لا أربعين يوماً فقط، يبقى حياً في مواقف نجله فيصل وثوابته»، قناعة راسخة لدى كثيرين من طرابلس إلى مزارع شبعا.

لم يكن مستغرباً أن تكسر عملية المقاومة في مزارع شبعا صمت الوزير السابق فيصل كرامي الذي لا يزال في فترة حداد على والده الرئيس الراحل عمر كرامي. «عملية رد الاعتبار التي بها انتهى الزمن الذي تستطيع فيه إسرائيل أن تفلت من العقاب»، كما وصفها، بدّدت بعضاً من حزنه. إثر الإعلان عنها، كرّر «موقفاً مبدئياً بدعم المقاومة التي يشكل أحد أبرز حلفائها».

تحالفات حفيد عبد الحميد كرامي لن تتغير بوفاة والده. «وهل الإرث السياسي حساب مصرفي أو عقار؟» يتساءل.

«إنه موقف سياسي مبدئي وواضح» يجزم. منذ سنوات، يبدو نسخة شابة متجددة عن والده. الآن خسر «الموجّه والقائد والزعيم» كما يصفه. فهل يقدم أداء مختلفاً بعيداً عن الثوابت الوطنية؟ وماذا يتطلب الحشد الشعبي الذي حمل نعش والده؟

يؤكد كرامي أنه باقٍ ومستمر على نهج والده الخدماتي. يستذكر، في هذا الإطار، كيف كان الرئيس كرامي «يحرص على لقاء المواطنين في قصره في كرم القلة كل أسبوع، ويلحّ كل يوم جمعة على والدتي أن تحضّر له أغراضه قبل توجهه إلى القصر». كان يردد: «اشتقت للشباب بدي شوفهم». دوام طرابلس كان الأقرب إليه. «الاستماع إلى شكاوى الناس وخدمتهم واجب لا يجوز التفريط به» ينقل عن والده.

على خطى الرئيس كرامي، يمضي فيصل الابن نهاية الأسبوع في مسقط رأسه. يتنقل بين منزله في منطقة الضم والفرز، ومكتبه في شارع نديم الجسر، وقصر كرم القلة الذي يداوم فيه كل يوم جمعة كما كان يفعل والده. ثم يؤدي صلاة الجمعة في أحد المساجد القريبة.

لا تغيب طرابلس عن أي حديث يتطرق إليه زعيمها الكرامي الجديد.

من الضروري جدّاً

قيام حوار آخر داخل الطائفة السّنية

هي همّه الدائم الذي يلاحقه. «والدي الذي كان همّه طرابلس حتى اليوم الأخير من حياته، حمى المدينة ورفض القيام بأي ردّ فعل يوم تعرضي لإشكال. كان يعتبر أن أي رد فعل سيضر بالمدينة». لكن الهم الذي لا يتبدد هو الفقر. «بات كبيراً ويحتاج إلى جهود جبارة للقضاء عليه، وإلى تعاون كل الأطراف من أجل ذلك». لا يملك سليل العائلة الشعبية والمتواضعة الحل السحري. «مستعد للتعاون مع أي جهة تساعد طرابلس وتسهم في إنمائها»، يقول. المصيبة كبيرة على الطرابلسيين والدولة لا تصدق معهم، مستنداً إلى ما قاله وزير المال الأسبق إلياس سابا إن «مبلغ الـ 100 مليون دولار التي خصصتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لطرابلس لن ترى النور قريباً، لأن الدولة مفلسة، وحجم الدين العام وصل إلى نحو 100 مليار دولار».

رغم كونه أحد مرجعيات قوى 8 آذار، تمكن كرامي من الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس سعد الحريري برغم انتقاداته لسياساتهما. وهو من بين قلة من السياسيين السّنة الذين استطاعوا «الجمع» بين هذين الخصمين المتناقضين، لأن التقرب من أحدهما يعني تلقائياً استعداء الطرف الآخر له. مخرج كرامي أن هدفه «ليس الخصومة مع أحد، بل الالتقاء والتواصل والتعاون من أجل مصلحة طرابلس والطائفة والوطن»، معترفاً بأن «ما نحظى به من حيثية سياسية وشعبية ساعدنا في إرساء هذه العلاقة من غير أن نتخلى عن خصوصيتنا وثوابتنا السياسية».

يصف كرامي علاقته الحالية مع ميقاتي بالجيدة، برغم اعتراف ميقاتي بأنه لم يكن يرغب بتوزيره في حكومته، وأنه عين وزيراً للشباب والرياضة في آخر لحظة من دون رغبته. «لكن مع الوقت، وبعد تقارب حصل بيننا وبينه داخل مجلس الوزراء وخارجه، ركبت الكيمياء بيننا وبينه، وأظهر لي وداً واحتراماً كبيرين، وخصوصاً أن روابط عائلية تجمعنا به، وحرصه على طرابلس ومحبته لها أسهما في تقاربنا، ولا أنكر أنه كان له فضل كبير في دعم إنجازات حققتها في وزارتي». أما بالنسبة للحريري، فـ»منذ زيارته لنا في بقاعصفرين عام 2009، لم ينقطع التواصل بيننا وبينه. لكن المشكلة في متابعة هذا التواصل». في ظل وجوده خارج لبنان «كان أخونا نادر الحريري هو صلة الوصل بيننا، وعلاقتنا معه جيدة قائمة على الود والاحترام والحرص على خدمة طرابلس ووحدة الطائفة ومصلحة الوطن».

كرامي، «السياسي الهني»، مرتاح للحوار بين المستقبل وحزب الله. «دعونا لقيام هذا الحوار منذ البداية». لكن هذا لا يكفي، برأيه. «من الضروري جدّاً قيام حوار آخر داخل الطائفة السّنية. إذ لا يعقل أن نجري حواراً مع الآخرين ونرفض قيام حوار بيننا». أرضية الحوار متوافرة: «انتخاب الشيخ عبد اللطيف دريان توافقياً مفتياً للجمهورية والحرص على مصلحة الطائفة ومصيرها في هذه الظروف».