Site icon IMLebanon

ولّى زمن الانتصارات المزيّفة

 

على الرغم من كل الجهد الذي بذلته الممانعة لخفض أصوات المرشح جهاد أزعور، ورفع أصوات المرشّح سليمان فرنجية، وعلى الرغم من أنّ هذا الجهد أصاب نجاحاً نسبياً، إلا أنّ ذلك لا يمنع من الضحك والاستغراب لسيل أهازيج الانتصارات، وهي تغزو شاشات الممانعة، وتنتقل على ألسنة سياسييها وإعلامييها على طريقة كلمة السر، التي تشحذ من الضعف قوة، ومن الهزيمة نصراً، ومن الإخفاق أملاً يسمح بالاستمرار بالمكابرة.

 

لم يكن هذا الاستعراض الأجوف، حقيقياً عند جميع الناطقين باسم الممانعة، فخلف المعلن، يكمن إقرار بالهزيمة، واعتراف بالإحراج، واستخلاص بضرورة توفير المخرج الآمن، لانسحاب مرشح المقاومة، موفور الكرامة، وفي التوقيت المناسب، كي لا يضطر إذا ما دقت ساعة «التوافقي» إلى الانكفاء قسراً، من دون أن يؤمن البيئة الحاضنة، القادرة على استيعاب دوي الحدث.

 

في أولى نتائج الانتصار المزيف الذي حققته الممانعة، وفي أولى نتائج الخطوة النوعية التي كرستها المعارضة بترشيح أزعور يمكن قراءة الآتي:

 

أولاً: أحرجت المعارضة الممانعة ومرشحها بسقف الأرقام. فالتفوق وإن لم يكن بالفارق المطلوب، حسم معركة الرئاسة، وأعطى رسالة واضحة عن وجود أغلبية رافضة لمرشح الممانعة، وسواء بقي الرقم 60 أو أنزِل تزويراً إلى الرقم 59، فإنّ ذلك يبقى في خانة الألعاب «الكشتبانية» التي لا تنطلي على أحد لا في الداخل ولا في الخارج، فبات من الصعب على الممانعة وبكل تبسيط للأرقام، أن تقنع أحداً أن الرقم 51 هزم الرقم 59.

 

ثانياً: سلطت المعارضة الضوء على المعطّل الحقيقي للاستحقاق الرئاسي، هذا المعطّل الذي أفقد الجلسة النصاب، ما منع انتخاب رئيس الجمهورية في الدورة الثانية، وكل ذلك أمام أنظار العالم، الذي وضع الأصبع على جرح تعطيل المؤسسات الدستورية في لبنان، مع ما سيعني ذلك من تحرك دولي أميركي وأوروبي، باتجاه المعطلين، الذين تنتظرهم عقوبات متدرجة لن تستثني الكبار منهم ولا الصغار، وما على من لا يصدق إلا أن يتابع حركة الاتصالات الأميركية مع الرئيس نبيه بري، التي تأخذ إلى الآن شكلاً دبلوماسياً ودياً، فيما باطنها ينبئ بإجراءات محضّرة ومدروسة، ستطال الأقربين قبل الأبعدين.

 

ثالثاً: إستبقت جلسة البوانتاج الواضح، القمة الفرنسية السعودية في باريس، وواكبت التغيير في الموقف الفرنسي من انتخاب فرنجية، وهي ستكون المادة الأساسية في الملف اللبناني المنوي بحثه في اللقاء الفرنسي- السعودي، من زاوية تعزز وجهة نظر المملكة، التي لم تقل نعم لترئيس فرنجية وتنصيب نواف سلام رئيساً للحكومة، لمعرفتها بأنّ هذه الصيغة تفتقد إلى التوازن والديمومة. لذا سيكون ما حصل في ساحة النجمة، مادة مناسبة للاستمرار بتصويب ادارة فرنسا للملف اللبناني، مع تسجيل ملاحظة هامة وهي أنّ السعودية لم تتدخل في الجلسة النيابية، وتركت للبوانتاج أن يولد ولادة طبيعية.

 

لا يترك ما حصل في الجلسة النيابية مجالاً للشك بأن الممانعة تمارس الهروب إلى الأمام، مفتتحة زمن الانتصارات المزيفة.