IMLebanon

تزوير الأزمة والحلّ  ليس قدر لبنان

 

البلدان التي تحتاج الى أبطال ليست محظوظة، يقول المسرحي الألماني الكبير برتولد بريشت. ولبنان محكوم، لسوء الحظ، بالحاجة الى أبطال ومعاناته مزيج من غطرسة القوة وغطرسة الضعف. وأبسط ما يكشف سوء حاله هو الحاجة الى التواضع للخروج من المأزق العميق في تأليف الحكومة. التواضع في حساب الأحجام والأوزان وطلب الحصص. والتواضع في تقدير الوزن اللبناني، من حيث يتصور كثيرون ان تأليف الحكومة معطّل وممنوع بقرار خارجي هدفه توظيف اللاحكومة في اللعبة الاقليمية والدولية وتطوراتها الدراماتيكية صيفا وخريفا. وهذا مجرد هراء. فلا لبنان، بحكومة أو من دون حكومة، يؤثر في تطورات اللعبة. ولا شيء اسمه التعطيل للتعطيل.

ومن المألوف في سجال التعطيل ان يدعي كل طرف انه حريص على التسهيل، وان الكرة في ملعب سواه. لكن الواقع اننا نلعب بعدة كرات، بحيث هناك أكثر من كرة في أكثر من ملعب. والأسوأ اننا نلعب أحيانا بلا كرة، بحيث نتبادل الركل والدفش في ملعب واحد.

 

فضلا عن ان تأليف الحكومة ليس مهمة رجل واحد هو الرئيس المكلف، وان كان دينامو التأليف. فلا دور رئيس الجمهورية مجرد انتظار مسودة حكومة يقدمها الرئيس المكلف لتوقيعها أو رفضها أو تعديلها بمقدار ما هو دور الشريك في تذليل العقبات وترتيب المخارج في اطار المصلحة الوطنية. ولا أمراء الطوائف الذين يسمّون مرشحيهم للمناصب الوزارية ويتحركون في تحالفات متغيّرة ويستخدمون الفيتو في السياسات والقرارات، أبرياء من المسؤولية عن تعثر التأليف.

وليس أخطر من جمود المواقف بالعناد الشخصي سوى جمودها بالتخطيط السياسي في خدمة أهداف تفتقر الى المعنى النبيل للسياسة كفن في ادارة شؤون الناس. فكيف اذا كانت طموحات الأشخاص تتقدم على قضايا البلد؟ وكيف اذا صارت أزمة التأليف سلاحا في صراع على السلطة من دون التركيز على حلول عملية للأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وهي في البداية والنهاية أزمة سياسية وجزء من البؤس السياسي الذي تعمّقه العصبيات؟

المشكلة أبعد من ذلك، مع الأسف. وأقلّ ما نراه ونسمعه هو تزوير أزمة التأليف، فلا مكاشفة ومصارحة بل مراوغة. ولا شيء سوى التكرار لجهة الحديث اليومي عن العقد الظاهرة والتلطّي وراءها لتغطية العقدة الحقيقية والأساسية التي تعرقل تأليف الحكومة. وليس تزوير الأزمة سوى وسيلة للوصول الى تسليم الجميع بالحل المزوّر.

يقال ان الأزمة أفضل من الحلّ السيّئ. لكن الخيار بين الأزمة والحلّ السيّئ ليس ولا يصحّ أن يكون قدر لبنان.