فيما لا يزال صقور تيار المستقبل وحلفاء الرئيس سعد الحريري السابقون في 14آذار يعيشون حالة من الذهول السياسي بعد الصدمة الباريسية التي وجهها إليهم الرئيس سعد الحريري عبر مجلة «الباري ماتش»، يرى متابعون ديبلوماسيون في بيروت بأن خيبة أمل هؤلاء الصقور لن تكون الأخيرة خصوصا أن ما قاله الحريري يأتي ضمن سياق التسوية التي قادتها باريس بدعم من المجتمع الدولي والتي أدت تباعا إلى انهاء كافة مفاعيل المشهد الإنقلابي الذي بدأ مع اعلان الرئيس سعد الحريري استقالته المتلفزة من الرياض عبر فضائية سعودية، والتي تبعها مسارعة حلفاء هذا الإنقلاب في الداخل اللبناني للمطالبة بقبول الاستقالة والإنطلاق باستشارات نيابية ملزمة كانت الغاية والهدف منها ابعاد الحريري عن موقع رئاسة الحكومة في لبنان.
وبحسب المعلومات الديبلوماسية فإن ما قاله الحريري لمجلة «باري ماتش» يصب في خانة الخطوات المحلية والخارجية المنسقة ما بين لبنان الرسمي والدول الغربية التي تأتي في مقدمتها الدولة الفرنسية والتي كانت شريكة للبنان في التصدي للإنقلاب. وبالتالي أن مواقفه في هذه المجلة الفرنسية خصوصاً في الشق المتعلق بسلاح حزب الله أتى في سياق ترسيخ بنيان التسوية المحلية الحامية لأمن واستقرار لبنان. وبالتالي أيضا أن مضمون كلام الرئيس سعد الحريري لـ «باري ماتش» وكذلك كلام فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في روما أتى في استكمال خطوات الإنقلاب على الإنقلاب، وهذه الخطوات بدأت مع مسار خروج الحريري من السعودية نحو باريس أولا ومن ثم نحو مصر وقبرص ووصولا لعودته إلى بيروت وما تلا ذلك من قرار استراتيجي بالتراجع عن الإستقالة عبر مخرج التريث بتقديمها بطلب من الرئيس ميشال عون، والذي سيستكمل ببيان النأي عن النفس الذي سيصدر عن الحكومة في أول جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية الأسبوع الحالي.
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر نيابية واسعة الإطلاع بأن الخلاف داخل تيار المستقبل بين فريق الحريري وفريق ما يسمى بالصقور عميق وكبير خصوصا ان هناك معلومات لدى فريق الحريري بأن الفريق الآخر في التيارعلى الأقل إذا لم يكن مشاركا فهو كان على علم مسبق بسيناريو مبايعة السيد بهاء الحريري كزعيم على السنة في لبنان كبديل للحريري، وبأن هناك من كان يعمل في السعودية على هذا الموضوع من لبنان ومن خارجه… وأيضا بحسب مصادر هؤلاء فان الصقور كانوا على علم بفحوى لقاءات امين سره السيد صافي كالو الي، الذي زار عدة شخصيات لبنانية من بينهم النائب وليد جنبلاط الذي تحدث عن هذا الموضوع بشكل علني بعد عودة الحريري إلى لبنان، حيث أكد جنبلاط بأن السيد صافي كالو اتى الي بصفته امين سر بهاء الحريري قد زاره في منزله بحضور النائب وائل ابو فاعور وعرض عليه طلب بهاء بان يتنازل الشيخ سعد له كونه اقدر بالامساك بالمرحلة، وبطبيعة الحال فان جنبلاط ترك ضيفه مع أبو فاعور وانسحب من الجلسة في رسالة واضحة بأنه لم ولن يقبل بهذا الطرح الذي أسماه جنبلاط بـ «الهذيان السياسي».
المصادر أشارت الى أن الفريق المقرب من الحريري قد تجاوز حاليا مرحلة الصدمة القوية التي تلقاها من ما يسمى بفريق الصقور وهو اليوم حاليا قد أصبح بمرحلة المساءلة والمحاسبة، سيما أن الحريري منذ عودته إلى لبنان لم يسمع ما يقنعه ببراءة أو سطحية علاقة هؤلاء بالمؤامرة التي حصلت خصوصا في الشق المتعلق بمبايعة شقيقه بهاء، بل على العكس فأن كافة المعطيات والمعلومات التي وصلت اليه قد زادت من يقينه وقناعته بأن هؤلاء الصقور هم متورطون بما هو منسوب إليهم على هذا الصعيد وذلك حتى اشعار آخر.
المصادر أكدت بأن اولى بوادر هذا المسار من المساءلة والمحاسبة سيتم ترجمته من خلال التحالف الإنتخابي الجديد الذي يسعى تيار المستقبل إلى بلورته مع الحلفاء الجدد الذين كانوا لهم الدور الأساس في عودته إلى لبنان وهؤلاء الحلفاء الجديد هم: التيار الوطني الحر، حركة أمل والحزب القومي الإشتراكي وحتما حزب الله الذي كان ولا يزال متمسكا بالحريري كرئيس لحكومة لبنان بالرغم من استمرار سياسة ربط النزاع معه، خصوصا أن أوساط حزب الله تشير المصادر الى ان الحزب اشاد بما صدرعن رئيس حكومة لبنان من مواقف اخيرة، والحزب لا يريد أن تكون مواقف زعيم تيار المستقبل شبيهة بما يصدر عن النائب محمد رعد، إلا أن الحزب يرى ويعتبر بأن ما صدر عن رئيس الحكومة في مجلة «باري ماتش» الفرنسية يصب قلبا وقالبا في حماية التسوية القائمة وبالتالي هذا الكلام يأتي في السياق الذي يعزز الشراكة الوطنية التي بدورها تعزز وترسخ أمن واستقرار لبنان وتحبط وتسقط كل المؤامرات الخارجية التي تستدرج براثن الفتنة والفوضى إلى الساحة اللبنانية.