في شهادته أمام المحكمة الدوليّة في 5 أيار 2015 قال النائب وليد جنبلاط: «كان هناك مشروع لتحجيمي ورفيق الحريري لذلك رفضنا مشروع القانون الذي طرحه وزير الداخلية آنذاك سليمان فرنجية، ومشروع سليمان فرنجية كان لإقصاء المعارضة.. سليمان فرنجية حليف ثابت لعائلة الأسد، وكان يتصرّف كأنّه رئيس عصابة»!!
وفي 20 حزيران 2014 كتب رئيس تحرير الشَّرق الزميل نقيب الصحافة عوني الكعكي تحت عنوان «متى يصبح سليمان فرنجية لبنانياً؟»: «لم أصدّق عينيّ عندما قرأت تصريحاً للوزير السابق سليمان فرنجية نقل فيه كلاماً على لسان الرئيس السوري بشار الأسد جاء فيه: أنا أوافق على من يوافق عليه حسن نصرالله (ليكون رئيساً للجمهورية في لبنان).. وازدادت دهشتي عندما قرأت له كلاماً آخر يقول فيه: لن يصل أحد الى الرئاسة في لبنان ما لم يرضَ عنه بشار الأسد»، هذا هو أفضل تعليق على ما جرى دسّه بالأمس من باب جسّ النبض أو من باب الترويج لما قيل إنّه «تسوية»، وإن كانت كذلك فهي اسم على مسمّى لأنّها ستكون «القاضية» وهي «تسوية» للبنان بالأرض بل ما تحتها أيضاً!!
سادتْ بالأمس حالتان، صمت عميق بلا بيان، وصوت «ساخر» في بيانٌ تيّار المردة الذي أكّد فيه أنّ زيارة رئيسه إلى باريس «إجتماعيّة» نافياً ما أشيع عن لقاء سيجمعه بالرئيس سعد الحريري، عندما قرأتُ بيان المردة اطمأنَّ قلبي، فقد كنتُ توجسّتُ خيفة من الترويج الإعلامي المستمر و»كلّ يوم شكل» عن «التسوية» التي روّج البعض منذ أسبوع أنّها ستحمل سليمان فرنجية إلى سدّة رئاسة الجمهورية، والوزير نهاد المشنوق إلى رئاسة الحكومة، ثم تمّ الترويج بالأمس لصيغة أخرى ستحمل سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية وسعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، ولا يُقال في هكذا كلام إلا «مجنون يحكي وعاقل يسمع»!!
وازددتُ طمأنينةً عندما قرأتُ في بيان المردة أنّ زيارة سليمان فرنجية إلى فرنسا إجتماعيّة فقد مِلْتُ إلى الظنّ أنّه ذهب يؤدّي واجب العزاء للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بضحايا إرهاب «داعش» في باريس.. ثمّ تذكرّتُ أنّ فرنجيّة من المستحيل أن يُقدم على هكذا خطوة، خصوصاً وأنّه ردّد مراراً على مسامع اللبنانيين لازمة: «بشار الأسد هو أخي».. «أحب كثيراً بشار الأسد».. «الرئيس بشار الأسد صديقي وأخي ولن أخرج منه مهما حصل».. «حذرت الرئيس الأسد أنّ ميشال سليمان قد يطعننا في الظهر»، وبالطبع بات معروفاً موقف بشّار الأسد من فرنسا ورئيسها الذي تلقّى تأنيباً صحفياً من «بشّار» لجهوده الكاذبة في محاربة الإرهاب، وهدّده بشّار بأنّه ونظامه لن يضيّعا وقتهما ولن يُقدّما أيّ معلومة لهولاند تنقذ نظامه الفرنسي من السقوط!!
وازددتُ طمأنينةً على طمأنينةٍ لأنني أقرأ عادة ما يُصرّح به سليمان فرنجيّة، فعلى سبيل المثال لا الحصر صرّح فرنجية في 9 أيلول 2015 كاشفاً أنّ مشروعه ـ وهو مشروع عدد من القادة العرب ذكرهم فرنجية بينهم جمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ وبشّار الأسد ـ ومشروعه هو تحرير القدس وفلسطين، وأنّ الفرق بين مشروع الشيعة والمشروع الأصولي التكفيري هو أنّ باب الإجتهاد لدى الشيعة مغلق [والعكس هو الصحيح ولطالما عيّر الشيعة أهل السُنّة بأن باب الاجتهاد عند السُنّة مقفل] وأنّ الشيعة لديهم مرجعية وليس مرجعيات [والعكس هو الصحيح فقد باتت العائلة الشيعيّة الواحدة يصوم أفرادها كلٌّ لوحده، ويُعيّد فيها كلّ لوحده بسبب كثرة المرجعيّات التي يقلّدونها]، فقلتُ في نفسي: من المستحيل أن تحمل أي تسوية فرنجية إلى قصر بعبدا، فمعلوماته العامّة «تعبانة كتير»!!
عن أيّ تسوية يتحدّثون؟ عن «تسوية» ستحمل «أخ بشّار» إلى رئاسة الجمهوريّة، إن كان كذلك، فالتسوية التي ستحمله إلى قصر بعبدا ألعن بكثير من تلك المعادلة لفرض التمديد التي قالها بشّار الأسد للرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو يهدّده بتدمير بيروت على رأسه: «لحّود يعني أنا»، فالتسوية التي قد تأتي بفرنجيّة رئيساً تعني أنّ بشّار الأسد سيتنازل عن صلاحياته في سوريا وسيأتي إلى لبنان ليحكمنا من قصر بعبدا، باعتبار أنّ «التسوية» المزعومة والتي يُفترض أن تحمل سليمان فرنجيّة إلى رئاسة الجمهورية تعني حتماً أنّها ستحمل معه بشاّر الأسد رئيساً للبنان، بصراحة «حامولة النّهر»!!
* غداً.. حزب الله و»التسوية».. من يأخذ ومن يُعطي؟