عام 2014 فاوضَت الجهة الخاطفة على الصحافيين الفرنسيين والإسبان وتمكّنت فرنسا وإسبانيا من تحرير صحافيّيها، إنّما لم تتمكّن إدارة محطة سكاي نيوز من تحرير فريقها المعتقَل في حلب، كما لم يتمكّن لبنان أيضاً من تحرير المصوّر اللبناني سمير كساب الذي كان من ضِمن هذا الفريق.
في مطلع السنة الرابعة على اختطاف المصّور سمير كسّاب كان لـ«الجمهورية» حديثٌ مع خطيبته رزان حمدان التي لم تيأس من السعي جاهدةً يداً بيَد مع عائلة سمير لأجل تحريره.
تتكلّم رزان عن خطيبها سمير إبنِ جبل حردين بأملٍ وحماسة وهي ابنةُ جبل الشوف، فيما لم يتمكّن الجبَلان من الوقوف بوجه حبّهما بسبب اختلاف الأديان. تعتبر رزان تحرّكَها الناشط نابعاً من صميم قلبها ومن حبّها الكبير لسمير وإيمانها بقضيته، مؤكّدةً أنّها «مستمرّة يداً واحدة مع عائلته حتى يوم تحريره، وهي لن تيأس ولن تفقد الأمل».
في السياق، تتابع الدولة اللبنانية بجدّية قضية سمير، بحسب معلومات رزان وجورج كسّاب شقيقِه، لا سيّما بعد زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأخيرة إلى قطر. كذلك هم يؤمنون بتحرّك المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وبمساعيه لإطلاق سمير، كما حصل مع معتقلين حُرّروا، وهو الذي يُطمئنهم دائماً إلى سير المفاوضات مع الوسَطاء عن القضية أو مع سواهم من الأطراف التي تواكب الملف.
بالإضافة إلى تطمينات وزيرَي الخارجية والإعلام جبران باسيل وملحم رياشي اللذين أكّدا لنا أنّ قضية سمير تمَّ بحثُها مع الطرف القطري، وهما يتابعانها.
إلّا أنّه حتى الساعة ليس هناك معلومات جديدة، لا سلبية ولا إيجابية، إلّا أنّ إحساسها يقول لها إنّ سمير ما زال حيّاً.
وهي التي قصَدت الصحافيّ الفرنسي «نيكولا اينان» الذي تمّ تحريرُه منذ سنة ونصف والذي قال لها شخصياً إثرَ قدومِه إلى بيروت وتوقيعِ كتابه في «البيال» إنه كان في نفسِ المعتقل مع سمير، إنّما في زنزانة مجاورة، وبعدها تمَّ نقلُه ولم يعد يعرف أيَّ خبر عنه بعد أن اعتُقل في حلب أولاً وبعدها نُقل إلى الرقة. وقال الصحافيّ الفرنسي عن سمير إنه بصحّة جيّدة، إنّما كانوا معزولين عن العالم ولم يكن هناك من تعذيب وما شابَه.
وتلفتُ رزان إلى أن «العائلة كانت وردَتها في ذلك الحين معلومات تفيد أنّ الصحافيّ الفرنسي المحرّر كان معتقلاً في نفس المكان مع سمير كساب وقد نَقلنا ذلك للّواء ابراهيم الذي اتّصل بالسلطات الفرنسية إنّما لم نتوصّل إلى أيّ معلومة مفيدة».
وعن المعلومات الأخيرة، تقول رزان إنّها متوقّفة منذ سنة ونصف عندما قال لهم اللواء ابراهيم إنّ سمير «قربِت رَجعتو على بيتو وعلى شِغلو» وعندها تفاءَلنا بأنه ما زال على قيد الحياة وبصحّة جيّدة».
ولا يمكن للعائلة فعلياً اليوم تحديد هوية الوسيط الذي يتابع ملفّ سمير، لأنّ كثيرين عملوا على هذا الملف في الدولة اللبنانية وكذلك من الدول الأخرى، فيما لم تكشف لهم الدولة اللبنانية هوية الوسيط أو المفاوض الفعلي، أو إذا توقّفَت تلك المفاوضات أم ما زالت مستمرّة.
معلومات جديدة
عائلة سمير لا تجزم ولا تنفي احتمالَ أن تكون الجهة الخاطفة تستعين بخبرات سمير التكنولوجية بسبب سعةِ اطّلاعه، وهو ما تردَّد في الآونة الأخيرة، إلّا أنها أيضاً لا يمكنها تأكيد ذلك ما لم يكن لديها أيّ دليل حسّي يؤكّد الأمر.
بالرغم من أنّ العائلة ليست مسرورة بأن تجنَّد خدمات سمير لأهداف غير إنسانية إنّما في الوقت نفسه يقول شقيقه: «الشاطر هوّي اللي بيَعرف يخلّص نفسو»، فيما تؤكّد رزان وجورج أنّ العائلة تتواصل دائماً مع إدارة السكاي نيوز التي تسعى جاهدةً إلى تحرير طاقمها والذين اعتقِلوا مع سمير، إلّا أنّ إدارة المحطة ومَن وراءَها لا تُعلن عن سير المفاوضات علناً.
وبحسب شقيقه جورج فإنّ الجهة الخاطفة فاوضَت على المحرّرين الآخرين إنّما هي كما يبدو لا ترغب بالمفاوضة على فريق السكاي نيوز وعلى سمير، لأنّها في الأصل لم تطلب أيَّ فدية ولم ترسِل أيّ فيديوهات أو أيّ صورة كإثباتٍ على أنّهم أحياء، إلّا أنّ الأمر لا يعني أنّ سمير ورفاقه ليسوا أحياء يُرزقون!
لا تعتبُ رزان ولا جورج على عدم تخصيص الدولة مبلغ 250 ألف دولار مكافأةً لكلّ شخص يكشف أيّ معلومة عن مصير أو مكانِ سمير أسوةً بالعسكريين، ويعلّقان على القرار بالقول: «نحن نؤمن بأنّ الدولة تعلم أكثر منّا ما يجب فعله، كما نؤمن أيضاً بأنّ المال قد يستدرج العروض الابتزازية وقد يستدرج أيضاً الأشخاص الخطأ ويكون مفعوله معاكساً لِما نتأمّله، مع العِلم أنّ العائلة تفضّل دائماً أن تشمل الدولة سمير بجميع القرارات الإيجابية المناسبة التي تُرجع سمير بخير وسلامة، وأن لا يغيَّب عن مقرّراتهم».
ويضيف شقيقه: «لا يهمّنا الوسيلة إنْ كانت مادية أو بوسائل أخرى، فالأهمّ بالنسبة لنا هو أن نرى سمير هذه السنة. وعن والدته يقول جورج إنّها ما زالت صامدةً وبانتظار سمير، وتواظب على الصلاة، ومؤمنة بعودته قويّاً حيّاً وسالماً.
وتختم رزان الحديث بالقول: «لا تستغربوا مدى أملِنا وإصرارنا، فقضيةُ سمير ليست عابرة، فهو إنسان رائع، وإن شاء الله عند خروجه ستتعرّفون إليه وتؤمنون بما أقوله، فهو يستحقّ ما نقوم به لأجل تحريره.
اليوم يشارك جورج ورزان في الإسكوا بالوقفة التضامنية التي دعت إليها نقابة المصوّرين في يوم المصوّر العالمي، وتشارك معهم عائلة سمير وعددٌ من الزملاء والرفاق لتذكيرِ المعنيين بأنّ قضية سمير ما زالت عالقة، في الوقت الذي استطاعت الدولة تحريرَ آخرين، وهم يتمنّون ويتأمّلون أن يتابع رئيس البلاد قضية سمير بمزيد من الإلحاح، على أمل أن يكون تحرير سمير من ضمن إنجازاته، وقد بدأ بالتفاوض بشأنه مع دولة قطر وليثبت للجميع قولاً وفعلاً بأنّه «بَي الكِلّ».
في نهاية الحديث لم تمنَعنا فضوليتُنا من سؤال رزان التي تنتمي إلى الطائفة الدرزية من موقف أهلِها لدعمها ابنَ جبلِ حردين الماروني الهوية، فأجابت ضاحكةً: «كانت هناك معارضة بسبب اختلاف الأديان حين تعرّفتُ إلى سمير في بادئ الأمر، إنّما حين تعرّفوا إليه تبدّدت معارضتُهم ومخاوفُهم وأصبحوا يحبّونه مثلي، واليوم هم مِن أكثر المدافعين معي عن قضية سمير ويدعمون دعمي لعائلة سمير، وأعترف بأنّهم يقدّمون لي السند الأكبر لمتابعة التحرّك وعدم الاستسلام، وأنا لولا أهلي لكنتُ اليوم إنسانةً ضعيفة جدّاً. فأنا لا يمكن أن أتخلّى عن سمير اليوم وعن قضيته، وهو في أمسّ الحاجة إليّ على أمل أن نفرح بتحريره معاً.