يجب أن يكون المرء مغرقاً في السذاجة كي يصدّق أنّ ما يجري في بداية عهد فخامة الرئيس العماد ميشال عون، وما يوضع في طريق انطلاقته من عراقيل، هو مجرّد خلاف على تشكيل الحكومة.
صحيح أننا ما زلنا في إطار الزمن المألوف لتشكيل الحكومات، حتى في ظروف لبنان الطبيعية.
وصحيح كذلك أنّ الصراع على الحقائب ليس جديداً، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة.
ولكن الصحيح أيضاً أنّ هناك من أراد ويريد وسيظل يريد أن «يفرمل» عربة العهد العوني منذ انطلاقتها.
وهل ننسى تلك المساخر التي شهدتها جلسة الانتخاب الرئاسية في إيقاع مقصود ومتعمّد شكّل، منذ تلك الجلسة، رسالة الى الرئيس عون لا شك في أنه تلقاها، ولكنها عجزت عن أن تحقق مراد مرسليها في استفزاز الرجل ودفعه الى ردود فعل غاضبة. والعكس صحيح إذ عمل على ضبط نواب حزبه وتكتله فباءت تلك الهمروجة الصبيانية بالفشل، إلاّ أنّها نجحت في كشف تفاهة وحقد منظميها والمنفذين.
نقول إنّ ما يوضع من عراقيل في طريق العهد هو أبعد من تشكيل حكومة…
إنّ الذين عطلوا البلاد وأساءوا الى العباد طوال سنتين ونصف السنة، لن يضيرهم أنْ يسعوا الى تمديد التعطيل أكثر فأكثر في لعبة مكشوفة لم تعد تنطلي على أحد.
وإنّ الذين ساءهم أن يقوم هذا التفاهم الميثاقي المسيحي – الاسلامي على قيام العهد الجديد، لن يدخروا جهداً في محاولة ضرب المفاعيل الميثاقية لهذا التفاهم الذي انتشل لبنان من هاوية الفراغ المستحكم، وانتقل به الى الحياة الطبيعية التي كان اللبنانيون ينشدونها طويلاً.
وإنّ الذين أقفلوا مجلس النواب وأخفوا مفتاحه لن يضيرهم المزيد من ترحيل الحياة البرلمانية بعيداً، وإن كان هذا يضير لبنان في شعبه وفي قيَمه الديموقراطية، وفي نهج الحكم الذي اعتمده قبل معظم بلدان المنطقة إن لم يكن قبلها كلها.
إنّهم سيسعون جهدهم كي لا تكون انطلاقة العهد سليمة، وسيضاعفون جهودهم في محاولة لتطويق الرئيس العماد ميشال عون…
ولكن، فات هؤلاء الأمور الآتية البسيطة ولكنها واقعية ومهمة:
أولاً- إنّ فخامة الرئيس ليس وحده، بل معه قاعدة شعبية كبيرة، وقد ازدادت أهمية وضخامة بالتفاهم مع «القوات».
ثانياً- إنّ التفاهم الذي سبق الانتخابات الرئاسية بين فخامته ودولة الرئيس سعد الحريري، وأيضاً الدكتور سمير جعجع، ليس أنه مفتوحاً أمام الجميع وحسب بل هو أيضاً يرتكز الى ميثاقية قوية.
ثالثاً- إنّ الرئيس ميشال عون شخصية استثنائية وهو بالتالي يعرف كيف يتجاوز العقبات بذكائه وسعة ثقافته وعزيمته الصلبة.
عوني الكعكي