IMLebanon

مهزلة

بعض مضي أكثر من أربعة أشهر على الشغور الرئاسي يبقى الهمّ الأكبر والأساسي عند الطبقة السياسية كيف يمكن التمديد مرة ثانية للنواب بدلاً من أن ينصبّ اهتمام هذه الطبقة على كيفية إملاء هذا الشغور في رئاسة الجمهورية خصوصاً وأنهم باتوا على يقين بأن لبنان لم يعد له الأولوية في اهتمامات الخارج وهو مشغول بملاحقة الارهاب الذي تمثله الدولة الاسلامية في الشام والعراق، وهذا الخارج يكتفي بتوجيه النصائح على هذه الطبقة لكي تتفق على شخصية تملأ هذا الشغور في الرئاسة الأولى ويعود هذا البلد ليلعب دوره المحدود من ضمن اللاعبين الأساسيين والثانويين في منطقة الشرق الأوسط.

وإذا كان الاهتمام بالتمديد للنواب جعل الطبقة السياسية تتجاوز المحظور وتلتقي تحت قبة البرلمان في جلسة تشريعية مخالفة للميثاق وللدستور الذي جعل من مجلس النواب هيئة إنتخابية تبقى مجتمعة الى أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية، ووجود مثل هذا النص يدل على مدى أهمية رئيس الجمهورية ومدى خطورة وتداعيات استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، في الوقت الذي تتعامل فيه هذه الطبقة مع الشغور الرئاسي كما تتعامل مع مشروع قانون أو اقتراح قانون عادي تقدّم به أحد النواب الى رئاسة مجلس النواب مما يدل بوضوح على استخفاف هذه الطبقة بالدستور وبانتظام الحياة السياسية وبالنظام ككل وما يهمّها فقط هو التمديد ثم التمديد للنواب بحجة أو من دون أية حجة كما هو واقع الحال، وها أن رئيس مجلس النواب المعني قبل أي أحد آخر بتوفير كل الظروف والمناخات لملء الشغور في رئاسة الجمهورية يضع هذا الملف في آخر سلم أولوياته الى حدود أنه أقفل محضر الجلسة الأخيرة التي لم تعقد للنيل من الميثاق والدستور اللبناني الذي ينص على أن يبقى مجلس النواب في حالة انعقاد دائم الى أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية.

ومن المؤسف أن الطبقة السياسية تقرأ جيداً الدستور لكنها لا تلتزم بنصوصه بل تضرب بهذه النصوص عرض الحائط وتستمر في انتهاكه من خلال تحمسها للتمديد مرة ثانية لمجلس نواب لا يجتمع ولا يشرّع ولا ينتج باعتراف رئيس المجلس نفسه، وأنه لهذه الأسباب يقف ضد التمديد هو ونواب كتلته وليس في وارد عقد صفقة أو صفقات بهذا الخصوص، فإلى متى تستمر الطبقة السياسية في خرق الدستور وإبقاء البلاد من دون رئيس، فيما كل الأوضاع من أمنية واجتماعية واقتصادية تتراجع، وفيما الحكومة عاجزة عن اتخاذ أي قرار والقيام بأية خطوات لمواجهة كل هذه التحديات بسبب الانقسامات داخلها.

بالأمس اجتمع مجلس الوزراء من دون أن يتخذ أي قرار في أي شأن من الشؤون، لأنه يحتاج الى موافقة الـ 24 وزيراً، الأمر الذي يبدو مستحيلاً في ظل التوجهات المختلفة داخل مكونات هذه الحكومة التي في نفس الوقت لا تكتفي بغض الطرف عن الصفقة التي تعقدها الطبقة السياسية من أجل التمديد مرة ثانية للنواب بل تساهم مباشرة وبصورة غير مباشرة في التغطية عليهم ليستمروا في هذه المهزلة.