Site icon IMLebanon

مهزلة الانتخابات البلدية

اقترب موعد الاستحقاق لتبلغ المهزلة مداها الاقصى. هي مهزلة الانتخابات البلدية والاختيارية. هنا اسقاطات فوقية على الناس من دون استشارتهم وأخذ رأيهم بالاعتبار، وهناك حيث ديموقراطية ولا اسقاطات، فوضى في الترشح من دون ادراك الحد الادنى من المسؤولية الاجتماعية التي يقوم عليها العمل البلدي. معارك كبيرة لأهداف صغيرة، لا تنتج الا العداوات والخلافات والتباعدات بين ابناء البلدة الواحدة والحي الواحد، واحياناً كثيرة بين أبناء البيت الواحد.

أحزاب تتنافس على لا شيء الا الفشل الذريع المضمون التحقق لاحقاً، ومقاعد لا تستأهل كل هذه الحروب. برامج انتخابية دعائية لا يتحقق منها شيء على ارض الواقع، والحجج جاهزة دائماً لتبرير الفشل. لا مشاريع حقيقية ولا انماء حقيقياً. تحاول الاحزاب التوصل الى تفاهمات في القرى والمدن لاقتسام الحصص من دون معارك و”وجعة راس”. واذا ما فشلت في التسوية، وخسرت ايضا في الاستحقاق تبرر ذلك بالقول انه تنافس محض محلي، اما اذا حققت فوزاً فترى فيه تمثيلاً صحيحاً للاحجام والقوى، ومقدمة لما يمكن ان تكون عليه الانتخابات النيابية المقبلة.

تمثيل للعائلات للتشارك في السلطة، واحياناً تتمثل العائلات بالاسوأ لديها وفق القيم المجتمعية للاختيار. هذا “زكرت”، والثاني “ما حدا فيه عليه”، والثالث “كريم بيدفع وقت الانتخابات”، والرابع “صديق لكل الدولة والاجهزة”، والخامس ” بدو اياه الاستاذ او البك”. معايير تافهة لا يمكن ان تقدم المصالح العامة عليها. ويحتدم التنافس بين العائلات، ويقوى خطاب “كرامة العائلة” وتمثيلها وحضورها، كأن الوجود صار مرتبطاً بمقعد بلدي او اختياري. اما اسماء اللوائح وشعاراتها وبياناتها ومشاريعها الموعودة فحدّث ولا حرج، اذ هي تظهر بوضوح حجم التكاذب والسذاجة معاً. في بيروت لائحة “البيارتة” كأنما المنافسين المفترضين على لوائح اخرى، مستوردون من طرابلس وصيدا وزحلة وبعلبك، وليس من تمثيل حقيقي لأهل العاصمة الا في تلك اللائحة. ثم ان شعارها “لتبقى بيروت لأهلها” لا يناسب الواقع، لان بيروت لكونها العاصمة لا يمكن ان تكون فقط لأهلها المدونين في سجلاتها وانما لكل لبناني سواء اقام فيها او سكن بعيداً. اما اهلها “الحقيقيون” فبعضهم يسكنها وتسكنه، والاخرون تسكنهم وقد هجروها الى الضواحي لغلاء اسعار الشقق والعقارات فيها.

وفي جونية لائحة “كرامة جونية”، وكأن عاصمة كسروان كانت وستكون بلا كرامة اذا لم يكتب للائحة الكرامة النجاح، وستعيش المدينة ست سنوات مطأطأة الرأس ذليلة.

في الواقع ان معظم الذين ينتقدون المجالس البلدية الحالية – ولا تعميم طبعاً – لا يملكون مشروعاً بديلاً من الانماء الفاعل، فهم ينشدون التغيير في شعاراتهم المعلنة، لكنهم في الواقع يطبقون القول الشعبي “قوم تا اقعد مطرحك”.

البلديات في لبنان جزء من عدة الظهور الاجتماعي وتصدُّر الاحتفالات والتمثيل البايخ للتجمعات العشائرية ومنها العائلات، لكنها رغم كل شيء تبقى نافذة على الديموقراطية.