مما لا شك فيه أن الظروف التي يمرّ بها لبنان والمنطقة هي أكثر من خطيرة، بعدما فُتح الباب أخيراً على تطورات متسارعة بشكل دراماتيكي، وتفترض مواجهة على كل المستويات بدءاً من استحقاق رئاسة الجمهورية، وصولاً إلى تحدّي إعادة إعمار ما تهدّم في العدوان “الإسرائيلي”.
وفي هذا السياق، يقول وزير الخارجية السابق فارس بويز لـ”الديار”، ورداً على سؤال عن إمكانية انتخاب رئيس في التاسع من كانون الثاني المقبل، إن “الفرقاء في لبنان قد وصلوا إلى قناعة بأن موازين القوى قد ثَبُتت على ما هي عليه، بينما يعتبر البعض أن هذه الموازين ستتبدّل لصالحه، ولا أعتقد أن الفرقاء جاهزون لعملية انتخاب رئيس جمهورية، وكلٌ يراهن على الوقت معتقداً أنه سيكون لمصلحته، بعدما أتى تصريح مستشار الرئيس الأميركي بولس مسعد، ليعطي مهلة إضافية في كلامه بأن من انتظر ثلاثة سنوات يستطيع الإنتظار ثلاثة أشهر”.
ويعرب عن اعتقاده بأنه “من بين الأسماء المتداولة، لا يوجد إسم عليه تقاطع، بل إن كل هذه الأسماء تصطدم بعقبات معينة من هنا أو من هناك، لذلك، ما من أحد يستطيع القول أنه توافقي فعلاً، وهذا بمعزل عن المرشحين ذات اللون الفاقع كقائد الجيش، والذي أصبح من الواضح بأن الثنائي الشيعي لا يرحِّب بانتخابه، وأن الرئيس نبيه بري وضع شروطاً تعجيزية لانتخابه، كتعديل الدستور، لذلك لا يمكن القول أن الأمور قد نضجت بما فيه الكفاية”.
وعن صفات الرئيس المقبل، يرى أن الصفة الأولى هي أن يكون حراً، وغير مقيّد لا داخلياً ولا خارجياً، لأن أي رئيس مقيّد سيأخذنا إلى مشكلة كبيرة، فإذا كان أميركياً هناك مشكلة، وإذا كان إيرانياً هناك مشكلة أيضاً، أما الصفة الثانية على الرئيس المقبل أن يكون وحدوياً جامعاً، بمعنى أن لا يفرّق بين اللبنانيين، وأن يكون مؤمناً بأن لبنان غير متّجه إلى التقسيم وسيبقى موحّداً، وثالثاً، يجب أن يكون قادراً على توحيد القوى السياسية حول قواسم مشتركة، ورابعاً أن يمتلك من الخبرة ما يكفي للتعاطي مع أكثر الأمور تعقيداً في الكرة الأرضية”.
ويقول: أعني ما أقول هنا، فلبنان من أصعب الدول في العالم، لأن نظامه خاص واستثنائي وفريد في العالم، وهو نظام طائفي، والمطلوب رئيساً خبيراً في الداخل وفي الخارج، لأن العالم، وبشكل خاص الشرق الأوسط يمرّ بظرف إستثنائي وتاريخي، لا يتحمّل إلا محترفين، وليس أشخاصاً مبتدئين في العمل السياسي، لأنه من بين الأسماء المطروحة هناك البعض من الذين لم يمارسوا السياسة في حياتهم، ولا يملكون أي خبرة كالموظف مثلاً، والذي ليس لديه أي رؤية سياسية، فكيف سيقرأ الأوضاع ألإقليمية، وكيف سيكون قادراً على استباقها والتعاطي بشكل جيد معها؟ فنحن نمر في ظرف إستثنائي ونحتاج لرئيس إستثنائي، يُحسن قراءة المشهد الداخلي والإقليمي والدولي، ويحسن التعاطي معها، بمعنى أن لبنان بحاجة اليوم إلى طبّاخ ماهر يستنبط من تناقضات القوى السياسية توجهاً سياسياً موحّداً”.
ويتحدّث بويز عن تعقيدات كثيرة تحاصر لبنان، “فالثورة في سوريا قد قلبت المشهد، وما من وضوح في الرؤية، إذ من الممكن معرفة كيف تبدأ الثورات، ولكن من المستحيل معرفة كيف ستنتهي، وهذا الوضع يتطلّب انتخاب شخصية إستثنائية، ومن غير المعقول الإتيان بأشخاص عاديين”.