لم يفكّ رئيس «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني» فارس سعيد استنفاره منذ اعلان حزب الله ترشيح الرئيس السابق لبلدية عين الغويبة (في جرد جبيل) رائد برّو للمقعد الشيعي في جبيل.
قبل أسبوعين، غرّد سعيد عبر «تويتر» بأن «إصرار حزب الله على مقعد جبيل الشيعي (…) له ارتدادات اجتماعية وسياسية وأمنية وعقارية على القرار في جبل لبنان». ودعا في مقابلة تلفزيونية لاحقاً «القوى المسيحية السيادية» إلى عدم الترشح وتجيير أصواتها لمرشح شيعي مستقل تسميه هذه القوى. إلا أن سعيد، وفق ما أوضح لـ «الأخبار»، لم يلقَ تجاوباً إذ إن الردّ الوحيد جاءه، مواربة، من النائب المستقيل نعمة افرام، يشترط فيه على سعيد عدم الترشح وتجيير أصواته لمرشح افرام عن المقعد الشيعي في جبيل أمير المقداد. إلا أن هذا الطرح لا يتناسب مع استراتيجية سعيد، فالمطلوب «خلق جو سياسي مسيحي عام لمنع حزب الله من التمدّد إلى مناطقنا، وهذا لا يتحقق إلا بانسحاب كل المرشحين المسيحيين». أما عن مصير المقعدين المارونيين في جبيل؟ «فليفز بهما العونيون… شو بيصير؟ المهم أن النائب الشيعي الذي سنسميه سيدخل كنائب ملك إلى مجلس النواب بما لذلك من رمزية سياسية فاقعة». علماً أن أصوات سعيد في الدورة الماضية أمّنت كسور حاصل ثانٍ للائحة «عنا القرار» ما أدى إلى فوز الراحل الحسيني. غير أن الأخير سرعان ما توجه، في اليوم التالي للانتخابات، إلى عين التينة.
لا الانهيار الاقتصادي ولا نهب أموال المودعين ما يهمّ سعيد ومجلسه «الوطني». فهذا، أساساً، كله «نتاج الهيمنة الايرانية». الأهم اليوم هو منع توسّع هذه الهيمنة إلى بلاد جبيل. فـ «دخول حزب الله من بوابة جبل لبنان يعني إدخاله إلى إدارة المنطقة السياسية والاقتصادية والسياحية »، ويعني أن هناك خطراً على «الواقع العقاري المتمثل بـ200 مليون متر مربع غير ممسوحة في جرد العاقورة وأفقا ولاسا وجوارها»! و«عدم التصدّي لهذا المشروع جريمة موصوفة سندفع ثمنها بعد الانتخابات»، مشيراً إلى «خطة لإعادة النظر في كل أعمال المسح والأحكام العقارية الصادرة في زمن الانتداب الفرنسي والتي أمّنت أرجحية عقارية للمسيحيين». فانتخاب نائب لحزب الله «سيمسّ بالسجل العقاري ويبدأ بقضم المساحات ليس في جرد جبيل فحسب بل في كل لبنان.
تداعيات استراتيجيّة عسكرياً وأمنياً ومائياً وعقارياً لترشيح رائد برو
وسيتمكن الحزب من زرع مرجعية لحماية مخالفات بيئته بعدما كانت تفتقد للمرجعية السياسية في الأعوام الفائتة»، كما سيؤثر على الوضع المائي، إذ «سيعمد الى توزيع مياه النبع باستنسابية كما تفعل قوى الأمر الواقع (عشيرة زعيتر) اليوم»، وكذلك «ينسحب تأثيره على الوضع الأمني العسكري المرتبط بطريق البقاع – بعلبك وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط بما سيورّطنا بمشكلات لا تُعد ولا تُحصى»! مرشح حزب الله، رائد برّو، يشير إلى نوعين من المنافسين في دائرة كسروان- جبيل: «منافس في الانتخابات ومنافس في السياسة». النوع الثاني «لا يملك سردية لمواجهة مرشح الحزب إلا سياسياً لأنه يعجز عن انتقاد أداء الحزب في البرامج والوزارات والحضور الاجتماعي. لذلك يلعب على الوتر الطائفي والشيطنة»، إذ إن «دخول الحزب إلى كل المناطق وعمله على تقليص الخلافات ومنها العقارية بوضعها في إطارها العقاري لا السياسي والعمل على حلّ هذا النزاع، كل ذلك سيرفع الصفة المذهبية عن هذه المشكلات وسيفقد الخصم سبب وجوده وكل موجبات برنامجه السياسي التحريضي. فإذا تمكنّا من حلّ المشكلة العقارية في لاسا ماذا يبقى لديه ليقول يومياً؟». ويؤكد برّو أن «ترشحنا ليس استفزازاً أو تحدّياً بل سيساهم في كسر الصورة المشيطنة للحزب».