لم ينجح العماد عون في تجييش الشارع المسيحي إلى جانبه ليخوض معركة إسقاط الحكومة السلامية، فاستعاض عن استخدام الشارع بشنّ أشد حملة على فريق قوى الرابع عشر من آذار لم يسلم منها تيّار المستقبل بل كان هو المقصود بهذه الحملة التي تعود إلى مرحلة الحلف الرباعي الذي كان هدفه الأساسي في كتاب رئيس التيار البرتقالي إبعاده عن رئاسة الجمهورية بعدما فشل في إبقائه في منفاه الفرنسي.
الحملة على تيّار المستقبل وقيادات 14 آذار التي استعاض بها عون عن النزول إلى الشارع هدفها الأساسي هو تبرير فشله في حشد الجمهور المسيحي في معركته التي يخوضها تحت عنوان إسترجاع حقوق المسيحيين المسلوبة وفي مقدمها كما يدّعي حق المناصفة الفعلية في إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية يحرر المسيحيين من هيمنة المسلمين الذين يساهمون كما يدّعي رئيس التيار البرتقالي بإيصال أكثر من نصف النواب المسيحيين إلى مجلس النواب.
العماد عون الذي بذل جهداً كبيراً ليوهم الشارع المسيحي بأنه يخوض معركة استرجاع حقوقهم التي سلبها اتفاق الطائف لم يستطع في الكتاب الذي رفعه إلى الملوك العرب والمقصود العاهل السعودي أن يهرب من اتفاق الطائف، بل يطالب بتطبيق كل ما جاء فيه حرفياً وليس استنسابياً كما هو واقع الحال بالنسبة إلى مجلس الوزراء الذي أناط به اتفاق الطائف صلاحيات رئيس الجمهورية، مما أدى إلى الخلل الحاصل حالياً وهو حرمان المسيحيين من حقهم في المشاركة الفعلية في السلطة من خلال رئيس قوي، لكنه فشل في إقناع الشارع المسيحي بصحة أهدافه لأنه عاد وربط كل مآخذه على اتفاق الطائف بحرمانه من الوصول إلى رئاسة الجمهورية وحرمانه من مشاركة المسيحيين في بعض الحكومات التي شكّلت بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لكن السقطة الكبيرة التي وقع فيها رئيس التيار البرتقالي هي أنه ربط كل تحركاته وكل غضبه على قوى 14 آذار بعدم إيصال صهره العميد شامل روكز إلى قيادة الجيش لكي يسهل عليه هو الوصول إلى قصر بعبدا، وبذلك يكون صوّب اتفاق الطائف من الهنات وتحققت المناصفة والمشاركة الفعلية والحقيقية للمسيحيين الذي يدّعي أنه عاد إلى لبنان من المنفى ليستعيدها من مغتصبيها.
وبعد هذا يمكن لأي مراقب أن يستنتج من كلام رئيس التيار البرتقالي أمس هو إعلان فشله في الإمساك بالشارع المسيحي ومن تمسكه بالشخصانية على حساب النظام والدولة التي يدّعي أنه جزء أساسي فيها. إن خطابه أمس، أقرب ما يكون إلى خطاب الوداع.