يجيء الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الشرق الأوسط في زيارة «وداعية» وهو يشارف على نهاية فترته الرئيسية الثانية التي كانت مليئة بالإحباطات والوعود غير المنجزة والآمال غير المحققة٬ فبدًءا من القضية المركزية الأهم في المنطقة٬ وهي القضية الفلسطينية٬ استمر الطغيان الإسرائيلي وتوسع الاحتلال الإسرائيلي بشكل هيستيري غير مسبوق. وأضافت إسرائيل إلى رقعة مستوطناتها مساحات هائلة٬ لتكون حقبة باراك أوباما قد شهدت أكبر توسع استيطاني في تاريخ إسرائيل من دون أي تقدم يذكر في مباحثات السلام مع الفلسطينيين.
كذلك شهدت المنطقة صعوًدا مخيًفا للتيارات المتطرفة التي جميعها اتخذت «استمرار» نظام بشار الأسد في قتل شعبه من دون وجود رادع دولي أشبه بما حدث مع مثيله في العراق صدام حسين الذي هو أيًضا كان قد سبق أن مارس بدوره أبشع الجرائم في حق شعبه٬ حتى بات بقاء نظام بشار الأسد في الحكم واستمراره في جرائمه وصمة الفشل الكبرى في ملف السياسة الخارجية لإدارة الرئيس باراك أوباما.
لم يعد سًرا أن باراك أوباما وإدارته ليسوا شغوفين بتنمية العلاقات مع العالم العربي٬ ولا هم بحريصين على إزالة العقبات أمام علاقات سوية بين الطرفين. ولكن السؤال المحوري يبقى: هل هذه هي رؤية «أميركية» أم أنها محصورة في عقيدة الرئيس باراك أوباما نفسه؟
هناك تباعد واضح بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في بعض الملفات٬ ولكن هناك توافًقا لا يمكن إنكاره في ملفات مهمة أخرى٬ ولكن هذه الزيارة تأتي أيًضا في وقت يجري فيه التصعيد المريب لتحميل السعودية حرج مواجهة اتهامات تم نفيها مرات كثيرة بخصوص هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الإرهابية على الولايات المتحدة٬ وهي تأتي في وقت مريب٬ في وقت يتم تصعيد الأدلة المدينة بحق إيران ووجود «علاقات» مشبوهة بين جهاز «الحرس الثوري» فيها مع الكثير من أعضاء تنظيم «القاعدة» والأفراد الذين قاموا بالتنظيم والتخطيط والتنفيذ للعمليات الإرهابية إياها.
الزيارة تأتي في وسط أجواء غير مثالية من الناحية السياسية والاقتصادية٬ ملفات كثيرة بقيت مفتوحة دون إنجاز٬ ملفات غامضة. فالعلاقة المتنامية مع إيران تجعل العالم العربي قلًقا من نيات الولايات المتحدة وخصوًصا مما عرف عن إيران من أطماع سياسية وأعمال إرهابية بحق كل الدول العربية من دون استثناء٬ والانقلاب المفاجئ من الولايات المتحدة بحق دولة كإيران وهي التي كانت دوًما تصنف لديها بأنها إرهابية بامتياز٬ يجيء دونما تغيير في السياسة الإيرانية ولا تفتيت لأجهزة الإرهاب الثوري الموجودة لديها.
زيارة الرئيس أوباما غير مفهومة الأهداف وغير واضحة المغزى٬ ولكنها ترمز لمرحلة مضطربة في العلاقات بين الرئاسة الأميركية والإدارة الأميركية. ويبقى السؤال الأهم قائًما: هل الرئيس الجديد القادم إلى البيت الأبيض سيتبع خطى أوباما أم سيرسم خطاه وحده؟