تشتدّ حماوة المعركة الإنتخابية في كسروان على رغم أن الماكينات الكبرى لا تزال في مرحلة “التزييت” ولم تنزل إلى الساحة وتكشف أوراقها.
عندما حاول رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل ترميم صورته بعد إنتفاضة 17 تشرين، أتاه الجواب من أهم الشركات العاملة في هذا المجال وهو: “لا تستطيع ترميم صورتك وما يمكنك فعله هو تشويه صورة الخصوم”.
وبالفعل، اقتنع باسيل بهذه النصيحة وبدأ رحلة التشويه مستهدفاً من يقف بوجهه، سواء كان على الساحة المسيحية أو الوطنية، وإذ اعتمد هذا الأسلوب منذ مدّة إلا ان اقتراب الإنتخابات يحتّم عليه تفعيل هذه العملية.
لا شكّ أن العلاقة متوترة بالأصل بين “التيار الوطني الحرّ” والنائب فريد هيكل الخازن، فلم يهضم “التيار” الذي يدّعي أنه يمثّل المسيحيين، وبإمكانه “إنبات العشب على درج بكركي” ونقل إحتفالات مار مارون من لبنان إلى براد في سوريا تحت عنوان “المسيحية المشرقية وتحالف الأقليات”، أن يقف فريد هيكل الخازن كحارس لإنتخاب البطريرك الماروني الجديد عام 2011 بعد إستقالة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، في حين أن لا دور للنائب الذي كان في كتلته، أي فريد الياس الخازن، في هذا الحدث الجلل.
وتراكم الغضب العوني على فريد هيكل الخازن، فهو واجه العهد في إنطلاقته الأولى واختار دعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وشكّل لائحة مواجهة في كسروان في انتخابات 2018، ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، بل إنّ مواقف الخازن الأخيرة خصوصاً رفضه استدعاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع إلى اليرزة بعد أحداث الطيونة وعين الرمانة، من ثم تضامنه العلني مع النائب السابق الدكتور فارس سعيد بوجه استدعاءات “حزب الله” جعلت من “التيار” يغضب أكثر من نائب كسروان… وطبعاً “حارس بكركي”.
بالطبع كان باسيل يريد حشر جعجع وإظهاره وكأنه فارّ من وجه العدالة، فتفاجأ بالإلتفاف الشعبي والسياسي المسيحي حوله، وكذلك فإن تطويق سعيد يريح “التيار” جبيلياً، فسقطت كل تلك المخططات وفتحت المعركة الإنتخابية في كسروان – جبيل على مصراعيها.
يرى كل من يتابع الشأن الإنتخابي كسروانياً، أن “التيار” يلعبها “صولد وأكبر”، فإذا كان مقعده محسوماً إضافة إلى مقعدَي النائب شوقي الدكاش والنائب المستقيل نعمة افرام المحسومَين طبعاً، فإنه بمجرّد منع الخازن من تأليف لائحة أو إجباره على تأليف لائحة ضعيفة فلن يصل إلى الحاصل، عندها ترتفع حظوظ العونيين بخطف مقعد ثانٍ في “عاصمة الموارنة”.
وفي حين بدأت ملامح اللوائح ترتسم، فإن الإحتمال الأكبر هو تحالف الخازن مع سعيد مع إمكانية إنضمام النائب السابق منصور غانم البون إليهما، وهذا الأمر يشكّل نكسة كبيرة للعونيين، لذلك بدأ العمل من جهة على إضعاف الخازن عبر مهاجمته خصوصاً انه يتفوّق خدماتياً على نواب “التيار”، ومن جهة ثانية يتمّ العمل على إحراج سعيد لإخراجه عبر التصويب على أن الخازن قريب من السوريين وحليف فرنجية، في حين أن سعيد هو من أهم صقور 14 آذار.
لا يُكثر الخازن الكلام في سياق ردّه على الحملات، فقد دعا أخيراً من يشنون الحملات ضدّه إلى الجلوس على طاولة بكركي والقبول بطروحاتها. والجدير ذكره، أن أهم طرح لبكركي هو الحياد وقد حاول باسيل الإلتفاف عليه عبر طرح التحييد، فكان الجواب إصرار الراعي على طرحه بالحياد الناشط وتسليم سلاح جميع الميليشيات.
ستشتدّ ضراوة المعركة الإنتخابية في كسروان كلّما تقدّمت الأيام، وبالتالي فإن المواجهة ستكون مفتوحة بين جميع الأفرقاء وخصوصاً بين العونيين والخازن، الذي لا يوفّر فرصة إلا ويهاجم سياسات العهد التي أوصلت البلاد إلى “جهنم”.