اليوم تبدأ «مسيرة آلام» الموازنة في مجلس الوزراء الذي يعقد سلسلة اجتماعات تستمر حتى الانتهاء من إقرار وتحويل مشروع قانونيتها الى مجلس النواب، في وقت كانت المساعي مستمرة مع قدامى القوات المسلحة، من دون جدوى، لتعليق الاعتصام الكبير الذي دعوا إليه اليوم للضغط على الحكومة في ما يتعلق بمستحقاتهم التي تبلغوا أن الموازنة «ستزمها». ولعلّ الاجتماع التشاوري البعيد عن الإعلام الذي عقدته إدارة جمعية المصارف، أمس للتداول في شؤون مالية ومصرفية، عرّج على الموازنة عشية جلسة مجلس الوزراء.
والمأزق بالنسبة الى الموازنة هو ثنائي الأضلاع. فهناك ضلعٌ أولى هي عين المجتمع الدولي المفتّحة على لبنان والتي تطالب بموازنة «إصلاحية» وهو تعبير مبهم القصد منه تقليص التقديمات لألف سبب وسبب. والضلع الثانية هي تصاعد المطالب من سلسلة الرتب والرواتب الى الحقوق والمكتسبات.
كيف التوفيق بين التناقضات؟ إنه المأزق! لقد «بعزقت» الحكومات المتعاقبة كثيراً منذ مطلع التسعينات حتى اليوم، وتقدمت بموازنات كان الهدر فيها هو الأساس، في وقت لم تكن الواردات متوافرة عملياً وإن توافرت إحياناً ورقياً!
وعندما «جدّ الجدّ» وقع القوم في المأزق وقادوا البلد الى حافة الهاوية، والبعض (من الخبراء) يقول بل صرنا في قلب الهاوية، نجّانا الله من الانحدار الى قعرها!
واللافت أن البحث عن الواردات يستهدف الموظف والمتقاعد ويهمل الموارد الكبرى، مثل الأملاك البحرية وسواها…
يحدث هذا في وقت تعود الاستراتيجية الدفاعية لتطفو على وجه المستجدات بعد التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع الوطني إلياس بو صعب والتي استقرت بورصتها، أخيراً، عند الموقف الآتي لرئيس الجمهورية: «عنوان الاستراتيجية هو حصر السلاح في يد الجيش اللبناني وحده (…) وحزب الله وأفرقاء آخرون معنيون بهذا الأمر».
ألاّ أن مشكلة حزب الله ليست مع بوصعب ولا مع قصر بعبدا، إنما هي مع النائب وليد جنبلاط في آخر (… وأحدث) تجلياته ذات الصلة بمزارع شبعا التي نزع عنها سيد المختارة الهوية اللبنانية، قصداً وعمداً، في وقت يؤكد أهلوها (كما تثبت الوثائق في السجلات العقارية ودوائر النفوس في صيدا) أنّ 1200 عيلة، (أي عدد أهالي الــ37 مزرعة) هم لبنانيون أباً عن جد، وأراضيهم ملكهم بــ»الحجّة» المدّونة والمصدّقة. ويبدو أن وليد بك أراد أن يعتزل الحوار التصادمي موقتاً، فغادر الأراضي اللبنانية الى الخارج رافضاً المرور عبر صالون الشرف في مطار رفيق الحريري الدولي آثراً الوقوف في الصف مع سائر المسافرين.
وتتوافق هذه التطورات مع تضارب المعلومات حول مصير سوريا في وقت اشتدت المعارك مجدداً في إدلب وسقط فيها ضحايا كثر، لتقطع روسيا الشك باليقين حول موقفها من النظام السوري معلنة تمسكها بالرئيس بشار الأسد «رئيساً شرعياً» للشعب السوري، بينما كان الرئيس بوتين يلوّح بمعركة حاسمة في إدلب لم يحدّد موعدها.