IMLebanon

أبعد من الحشد :  من يفتح باب الرئاسة ؟

لا مهرب من الامتحانات الشعبية في ساحة الشهداء، وسط تراكم الأزمات الداخلية والخارجية في لبنان وعلى اللبنانيين. لكن العامل المهم في النظر الى تظاهرة التيار الوطني الحر ليس حجم الحشد الشعبي، بصرف النظر عن تركيز كثيرين عليه. فالحجم له وظائف بسيكولوجية وتعبوية داخل التيار ولتجاوز ما جرى فيه مؤخراً، قبل الوظيفة السياسية في الاطار الوطني. ولا مجال لانكار شعبية العماد ميشال عون وقدرة حلفائه على الدعم، ولا بالطبع لكون زعامته استثنائية في تاريخ الزعامة المارونية. المسألة هي الهدف المطلوب تحقيقه عبر الشعار المرفوع؟ والسؤال هو: لماذا اليوم، وهل يمكن تحقيق الهدف وكيف؟

الواقع ان التظاهرة متأخرة ست سنوات منذ انتخاب المجلس الحالي حسب قانون الستين بعد اتفاق الدوحة ثم التمديد له. وهو المجلس الذي عجز، بالقصد، عن انتاج قانون انتخاب سواء على اساس النظام النسبي أو النظام الاكثري او المزج بينهما. متأخرة في الضغط على النواب لاقرار قانون النسبية، ثم للاعتراض على اغتصاب حقوق الشعب عبر الغاء الانتخابات وتمديد المجلس لنفسه. متأخرة في الضغط من اجل تعديل الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، وليست خالية من المفارقة في كون التيار الذي خاف من انتخاب رئيس له بالاقتراع المباشر للأعضاء يطالب بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب.

ذلك ان تعديل الدستور في غياب رئيس للجمهورية ليس مسألة سطرين كما قيل بل مسألة بالغة التعقيد والصعوبة ان لم تكن مستحيلة. ولا فرق سواء كان انتخاب الرئيس من الشعب تغييراً للنظام الديمقراطي البرلماني بما يستدعي كثيراً من التعديلات أو مجرد اعطاء قوة للرئيس الذي باتت صلاحياته محدودة بعد الطائف. وانتظار التوافق على قانون انتخاب نسبي ثم اجراء الانتخابات النيابية على أساسه ليتولى المجلس الجديد انتخاب الرئيس يعني استمرار الشغور الرئاسي طويلاً، على افتراض ان العقدة محلية وليست مرتبطة بصراع اقليمي أشدّ تعقيداً يراهن البعض على حوار سعودي – ايراني لتسويته في ظلّ تفاهم أميركي – ايراني.

وكل ذلك نوع من الدوران حول هدف قديم واضح: انتخاب العماد عون رئيساً. والسؤال هو: هل كان الرجل يحتاج الى ابتكار أفكار جديدة والنزول الى الشارع لو كانت هناك أكثرية لعبور الممر الإلزامي الذي حدّده السيد حسن نصرالله، أو لو صحّ الرهان على الحوار مع الرئيس سعد الحريري؟ وهل كان يرفض أن يقترع له المجلس القانوني لا الشرعي؟

اللعبة، في أية حال، أبعد من الحسابات المحلية والطموحات الشخصية، وخصوصاً اذا كانت من أجل الاصلاح والتغيير.