IMLebanon

صام دهراً وفطر على رئاسة

بعد تبنّي ترشيحه من قبل سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل، لمنصب رئاسة الجمهورية، يمكن القول، حتى قبل عشرة أيام من الموعد المحدد لانتخاب رئيس، ان العماد ميشال عون، الذي صام لمدة 26 سنة بعيداً عن قصر العشب، عاد اليه بعدما فطر على كرسي الرئاسة الاولى في بيت الوسط.

جميع التحليلات السياسية المستندة الى معلومات موثوقة تشير الى ان معاناة عون في خلال فترة نفيه، وبعد رجوعه في العام 2005، ومعاركه السياسية التي خاضها في وجه اكثر من جهة، ليست بشيء أمام معاناته، وهو يحاول ان يفجّر الالغام التي ينوي حلفاء الأمس، خصوم اليوم، زرعها في بداية مسيرة عهده، لتصعيب اقامته في قصر بعبدا، لأن الذين كانوا يدعون سعد الحريري الى تبنّي ترشيح عون، في بداية كل خطاب لهم وموقف، كانوا في حقيقة الأمر لا يصدّقون ولا يتوقعون ان يقوم الحريري بهذه المغامرة، ولهذا السبب لم يتحرّك حلفاء حزب الله في حينه، وخصوصاً رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، للتعبير عن رفضهم ومعارضتهم انتخاب عون، دون ان يعلنوا تمسّكهم بالنائب سليمان فرنجية، من باب اللياقة مع حليفهم الاكبر حزب الله، ولكن بعد انكشاف التواصل القائم بين الحريري وفريق عمل العماد عون، وتوصّلهم الى توافق تام على مختلف القضايا المطروحة على البحث، بما فيها تشكيل حكومة في مهلة لا تتجاوز الشهر، انتقلت قوى 8 آذار الى الخطة ب، وعهدت بتنفيذها الى برّي، وهي تقوم على نسف كل ما اتفق عليه عون والحريري واستبداله بالسلّة التي حاك مضمونها وتفاصيلها برّي، الخبير المتمرّس بالتسهيل والتعقيد وفق ما يراه مناسباً لمصلحته ومصلحة فريقه وحلفائه، من هذا المنطلق، ليس مستبعداً ان يكون حزب الله، على اطلاع مسبق بخطوات الرئيس برّي، ويتركها تأخذ المدى المحسوب بدقّة، قبل ان يتدخل وفق ما تقتضي مصالح قوى 8 آذار.

* * * *

اكثر ما يخشى ان يسببه تعطيل اول حكومة في عهد عون، هو ان تبقى هذه الحكومة المهترئة الفاسدة، اشهراً طويلة وهي تصرّف الاعمال؟ بمعنى ان انتخاب رئيس للجمهورية، كان الهدف منه، انهاء الفراغ في المؤسسات ووقف التعطيل، واذ بالانتخاب يتحوّل الى كابوس بوجود حكومة لا تعمل ورئيس حكومة مكلّف، عاجز عن تشكيل حكومة، وقد تكون هذه الحالة هي الخطة «ب» التي ينوي الرئيس بري وحلفاؤه اعتمادها لمحاربة ما اعتبره ثنائية سنيّة – مارونية، موجهة ضد الشيعة، وهذه اللغة على الرغم من محاولات تخفيفها من اصحابها، تخلق اجواء شعبية غير مريحة، اذا لم يتم خنقها في مهدها.

حتى نخرج قليلاً من التشاؤم والاحباط والخوف على المستقبل، لا بد من الاشارة الى ايجابيتين كبيرتين، يمكن البناء عليهما للاستبشار بمستقبل افضل.

الاولى الكلمة الوطنية الجامعة المؤثرة المقنعة التي القاها سعد الحريري وهو يتبنى رسمياً ترشيح العماد عون، وكشفه ما تم التوافق عليه مع عون، من خطوات انقاذية، وليس اتفاقاً على مصالح شخصية او فئوية، ووضعه مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

والثانية، ما حكي عن تحرّك سريع سيقوم به العماد عون اليوم باتجاه بري وجنبلاط وفرنجية، لتأكيد رغبته بالعمل معاً لاعادة الدولة الى السكّة الصحيحة والعمل المنتج، وتحييد لبنان عن ازمة المنطقة وسوريا.

بصيص أمل؟! نعم، ولكنه يشجّع على الايمان مجدداً بعودة لبنان الى الحياة.