يبدو رئيس تيار «الكرامة» فيصل كرامي واثقاً من متانة الطعن الذي رفعه الى المجلس الدستوري لاستعادة مقعده النيابي في طرابلس، وبالتالي هو يعتبر انه سيُقبل حكماً ما لم تحصل ضغوط لرفضه.
والثابت انه يحقّ للمجلس الدستوري بعد درس المستندات والمعطيات ان يعتمد واحداً من الخيارات الثلاثة الآتية:
– رد الطعن
– قبوله وإبطال نيابة المطعون به واعلان المرشح الطاعن فائزاً بالمقعد النيابي.
– قبول الطعن وإبطال نيابة المطعون به وإعادة الانتخاب.
ويلفت القريبون من كرامي الى انه في حالة الطعن الذي قدمه، يُرجّح الخيار الاول بسبب الادلة الدامغة التي يُفترض ان تؤدي الى اعلان فوزه.
وطعن كرامي هو ضمن لائحة طويلة من الطعون الموجودة على طاولة المجلس الدستوري الذي سيكون عليه ان يُثبت انه مستقلّ ونزيه في قراراته بعيداً من المؤثرات السياسية، حتى لو انّ أعضاءه يتم اختيارهم من سياسيين.
بالنسبة إلى كرامي، المطلوب لإنصافه ان يُقارب المجلس الدستوري الطعن بالحد الأدنى من العدالة، «وهذا سيكون كافياً ليعود الحق الى أصحابه».
والى جانب التفاصيل الكثيرة التي يحتويها ملف الطعن في شأن المخالفات المريبة التي رافقت الاقتراع والفرز، فإنّ اللافت ما كشَفه كرامي لبعض زواره من انّ احد المسؤولين الأساسيين والمحوريين في ماكينته الانتخابية خَذله قبل يوم واحد من الانتخابات، بعدما تمّت استمالته من جهة هي على خصومة مع كرامي للاستفادة من المعلومات التي يملكها في المعركة الطرابلسية.
وأظهرت الوقائع انه، وبعد الاختراق الذي حصل، تم تعطيل القدرات التقنية للماكينة عشيّة الانتخابات بالتواطؤ مع الشخص «المنقلِب»، والذي هو مسؤول عن الجانب المعلوماتي المتعلق بأسماء الناخبين وأرقام هواتفهم وغيرها من التفاصيل، حيث تم إخفاء تلك «الداتا» وسحبها بغية استخدامها للتواصل المباشر مع هؤلاء الناخبين المصنّفين ضمن قواعد كرامي، والذين كانت تَرِدهم اتصالات من إحدى الجهات للتأثير معنوياً او مادياً على تحديد خيارهم الانتخابي، ما سمح باستقطاب عدد لا بأس به منهم بعدما فقدت ماكينة كرامي القدرة على التواصل معهم عشيّة يوم الانتخابات وخلاله، وصارت تتحرّك في ما يُشبه «العتمة».
واللافت انه تم اختراق القاعدة الشعبية لكرامي مباشرة، من دون المرور في المفاتيح الانتخابية الوسيطة. وبعض العائلات التي اتصل بها الخصم الانتخابي والسياسي لكرامي ظنّت للوهلة الأولى انّ ما يجري كناية عن مناورة او اختبار تجريها ماكينة كرامي نفسها، ليتبين لاحقاً انّ الامر أخطر من ذلك بكثير.
ويعتبر كرامي انّ هذه الواقعة، إذا عَطفنا عليها الحجم الكبير من المخالفات القانونية، تُبيّن انه كان هناك قرار بإسقاطه، للإمعان في تشتيت البيئة السنية وتفتيتها «خصوصاً انني كنت سأشكّل مع عدد من النواب الآخرين للطائفة إطاراً او مظلة سياسية، فاختاروا كما يبدو ان يصيبوا الرأس حتى يرتاحوا».
ويستغرب كرامي كيف أنّ ديفيد شينكر أعلن عن سقوطه قبل أن يَتبلّغ هو رسمياً بالنتيجة، معتبراً انّ «هذا الأمر يحمل ما يحمل من إشارات ودلالات».
ويكشف كرامي انه يمتلك «أدلة مادية قوية» دفعته الى تقديم الطعن، وهو يعتمد في أدلته على مئات من الاصوات الملغاة لأسباب واهية لا يعوّل عليها، وعلى اخطاء بشرية في عمليات الجمع والاحتساب، كذلك هناك صندوق كامل لم يحتسب لأي لائحة وهو بات يُعرف بـ»لغز الصندوق الضائع»، والذي نال فيه كرامي بحسب المحاضر الرسمية 51 صوتا، علماً انه خسر بفارق 46 صوتا.
ويؤكد كرامي ان طعنه لم يستهدف طرفاً سياسياً بعَينه، لا التغييرين ولا الانتفاضة ولا الحكومة ولا اعداء «حزب الله» ولا اصدقاء الحزب، مشدداً على «أن هذا الطعن قانوني وليس سياسياً، والدليل انه شمل ثلاثة: أوّلهم، إيهاب مطر الميقاتي الهوى، وفراس سلوم الذي تبيّن انه من محور الممانعة، والدكتور رامي فنج الدي يُصنّف نفسه من تيار الانتفاضة.