IMLebanon

فتحعلي يردّ على عسيري: الظروف لا تسمح بتحريف الوقائع

«الاتفاق الإيراني ـ الغربي منفصل عن قضايا المنطقة»

فتحعلي يردّ على عسيري: الظروف لا تسمح بتحريف الوقائع

يعيش الإيرانيون مزيجا من السرور بإتمام الاتفاق النووي المبدئي المفصّل مع مجموعة «دول الـ5+1»، وشعور مناقض بعدم الارتياح نتيجة الحرب اليمنية وإطلاق السعودية وحلفائها عملية «عاصفة الحزم».

ولعلّ حرب اليمن شرّعت كلّ الأدوات الحربية والإعلامية وانعكست على اللغة الديبلوماسية بين الرياض وطهران، ما جعل اهتمام طهران بالملفّ النووي يوازي بأهميته الردّ على ما تعتبره طهران حرب شائعات ضدّها.

ولا يبدو أنّ التوافق على الإطار المبدئي للملفّ النووي سينعكس على قضايا المنطقة الشائكة، لأن طهران فصلت التفاوض حول ملفّها النووي عن ساحات الاشتباك الأخرى، بحسب ما يقول سفير إيران في بيروت محمد فتحعلي لـ «السفير».

وفي أوّل تعليق له على التوصّل الى توافق أولي حول الملف النووي قال فتحعلي «إنّ المفاوضات الأخيرة كانت معقّدة جدّا، وهي توّجت فترة زمنية طويلة كانت إيران تعيش فيها ضغط الاتهامات الجائرة بحقّها من البلدان الغربيّة، وكان الشعب الإيراني يرزح تحت وطأة العقوبات الظالمة بحقه لكنّه قاوم ولم يرضخ لتلك الضغوط». ويذكّر فتحعلي بأنّ «عددا من العلماء الإيرانيين اغتالهم الصهاينة، لكن بفضل القيادة الحكيمة ومقاومة شعبنا وصموده، وخصوصا فريقنا الديبلوماسي، خاضت إيران مفاوضات شاقة وجدية لتثبت خطأ هذه الاتهامات كلّها. ومنذ البداية أدركنا أن هذه الاتهامات لها غايات سياسية لأن السلاح النووي ليس جزءا من المقاربة الاستراتيجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما أنّ استخدام أسلحة الدمار الشامل محرّم كليا في الإسلام، وهذا أمر واضح في فتوى لقائد الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة».

وعلّق فتحعلي على الاتفاق قائلا إنّه «عبّر بوضوح عن أنّ إيران حازت جميع حقوقها في استخدام مسالم للتكنولوجيا النووية وللطاقة الذرية، ونعتبر الأمر بمثابة انتصار للشعب الإيراني، ولعلّ النقطة الأساسية في هذا الاتفاق هي الحفاظ على حق إيران بالتخصيب، وهذا يعني أن إيران لن تكون تابعة لأي بلد في ما يخص هذا النوع من الطاقة، وهذا أمر جيد، في حين أن الدول كانت في السابق تريد أن تنهي كل برامجها النووية السلمية وهي لم تكن تريدنا حتى أن نشتري اليورانيوم المخصّب لاحتياجاتنا الطبية، بينما صحّة العديد من المرضى كانت منوطة بأدوية ذات طابع ذرّي وكان ينبغي علينا أن ننتجها بأنفسنا، والحمد لله أننا فعلنا».

وعن مدى انعكاس هذا الاتفاق على التطوّرات الحاصلة في المنطقة، قال فتحعلي «يجب أن يدرك الجميع أنّ التفاوض حول الموضوع النووي بين إيران ومجموعة الـ5+1 تركزت على الملف النووي فحسب، وليست لدينا أية نيات لشمول مواضيع أخرى».

ولفت الى أنّه «بطبيعة الحال فإن لهذا الاتفاق انعكاسات على بعض مواضيع المنطقة ونحن سعداء جدّا بأنّ هذه الانعكاسات إيجابيّة، وأذكر أنه منذ بداية التفاوض كنّا نقول للغرب إن المفاوضات هي الحلّ الوحيد للمشاكل وهذا الذي حصل».

سجال متصاعد مع السعودية

ولعلّ الموضوع الطارئ حاليا بعد الحلحلة الجزئيّة للملف النووي الإيراني هو حرب اليمن والاشتباك السعودي – الإيراني المباشر الى حدّ ما، ويبدو أنّ الكلام الذي أدلى به سفير السعودية في بيروت علي عوّاض عسيري وتكراره دعوة إيران بألا تتدخل بأية دولة عربية، واعتباره «أنّ ما يجري في اليمن هو نتيجة لتدخل إيران بهذا البلد»، لم يمرّ مرور الكرام لدى الإيرانيين.

السفير فتحعلي أوضح أنه درس المقابلة التي أجراها عسيري «وأرى لزاماً عليّ في هذا الإطار أن أوضّح بعض النقاط التي من شأنها أن تزيل الالتباس لديه وربما لدى بعض الذين لم يفهموا جيداً مجريات الأوضاع في اليمن».

يدعو فتحعلي الى «إلقاء نظرة على الوضع الميداني السائد في اليمن بعد أكثر من أسبوع على الغارات الجوية التي شنّت لغاية الآن. وحقيقة الأمر أن ما يجري في اليمن حالياً هو تدخل عسكري خارجي سافر في هذا البلد دون أي مسوّغ قانوني أو أخلاقي يبرّره، الأمر الذي أدى حتى الآن إلى استشهاد أكثر من 300 مدني يمني، من بينهم ما لا يقل عن 100 طفل لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد شؤون السياسة وشجونها».

ويضيف فتحعلي: «من المعروف أن الشعب اليمني المظلوم والشجاع يتمتع بحضارة عريقة تعود الى آلاف السنين وتمكّنه من أن يدرك جيداً معنى التدخل في شؤونه، واليوم هو يرى بأمّ العين طريقتين متناقضتين في مقاربة الأمور ويقارن في ما بينها: فمن ناحية هناك الطائرات الحربية التي تصبّ حمم صواريخها ونيرانها فوق رأسه وتدمّر البنى التحتية وتستهدف مخيمات النازحين وتستبيح دماء اللاجئين، وهذه ممارسات تترك بلا شك آثاراً في ذاكرة أبناء الشعب اليمني وتشكّل تاريخاً تتوارثه الأجيال المقبلة. ومن جهة أخرى هناك طائرات مدنية تنقل المساعدات الإنسانية كالأدوية والمواد الغذائية التي يحتاجها الشعب اليمني لتأمين حاجاته وتنقل المصابين والجرحى لمداواتهم وبلسمة جراحهم».

ويضيف فتحعلي: «إن الرأي العام الإقليمي والدولي، وحتى المحلي في اليمن، يشهد على هذه الظروف السائدة في البلاد وهناك العديد من الأسئلة التي ترتسم في ذهنه، فالناس تسأل في هذه الآونة لماذا لم نشهد مثل هذا الائتلاف إبان العدوان الدموي الذي مارسه الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في حربي الـ22 يوماً والـ51 يوماً على قطاع غزة؟ ولماذا لم نشهد أي قرار تصعيدي من قبل دول هذا التحالف من أجل مواجهة العدوان الآثم الذي قام به العدو الصهيوني على لبنان في تموز 2006؟ فضلاً عن العديد من الأسئلة الأخرى التي تحتاج لمن يجيب عنها».

ويرى فتحعلي أنه لزاما عليه التوضيح أنّ «تجربة التدخلات الخارجية في بلدان المنطقة والتداعيات المترتبة عليها ماثلة للعيان، وأن التاريخ المعاصر عامة ماثل لاستخلاص العبر والنتائج من طياته».

وختم فتحعلي بقوله: «أنا كسفير للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان أعتقد أننا كسفراء نمثّل الدول التي انتدبتنا لهذه المهمة، ينبغي أن نبذل الجهود اللازمة لنكون بمثابة مستشارين لحكومات الدول التي نمثلها وأن ننقل لها الوقائع الموجودة على الأرض بالشكل الصحيح والصائب، كما أن الظروف السائدة في عالمنا اليوم ليست بالشكل الذي يتيح لأي كان أن يحرّف الوقائع على الشكل الذي يريده وبشكل مجاف للحقيقة».