لا يُخفي رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم خشيته وخيبته من تطورات الوضع العام في لبنان، ومن الأوضاع المسيحية بشكل عام، ويدق ناقوس الخطر حول ما وصل إليه المسيحيون اليوم في لبنان، معتبراً أنه “بعد خطاب البطريرك بشارة الراعي الأخير في جبيل، قد بات من الضروري أن يطرح المسيحيون على أنفسهم سؤالين: الأول أين هم المسيحيون اليوم وتحديداً الموارنة؟ والثاني: إلى أين يتجه المسيحيون؟”
ويؤكد لـ “الديار” أن “الجواب على هذين السؤالين، يعزز ويُظهر القدرة على الحفاظ على الكيان، ذلك أن المسيحيين ليسوا اليوم في حالة قرار، بل هم في حالة دفاع واعتراض، وقد باتوا خارج القرار على الصعيد الوطني، حيث أن القرار لم يعد عند المسيحيين الذيم باتوا خارج السلطة بسبب الفراغ الرئاسي، وبات ينطبق عليهم القول: بعدما كنا سيدها صرنا نطبل بعرسها”.
وحول إذا كان من خطر على الكيان اللبناني، يرى أنه “من المؤكد أن خطراً يتهدد الكيان اللبناني، وقد قالها صراحةً بالأمس البطريرك الراعي عندما قال إننا خارج القرار السياسي، وإذا كان لدى البعض مشروع آخر، فإن الشريك المسيحي هو خارجه، فهنا مكمن الخطر على لبنان وليس فقط على المسيحيين”.
وانطلاقاً من هذه المعادلة، يركز على أن “لبنان لا يقوم إلاّ بالشراكة بين أبنائه وبالميثاقية، وإلا فإن لبنان ذاهب إلى زوال أو الى شكل ثانٍ، ولم يعد أحداً قادراً اليوم على التحمل، وعلى الجميع التحرك من أجل مواجهة وتجنيب لبنان هذا الخطر، فنحن اليوم في حالة فراغ رئاسي وشلل في الإدارت والمؤسسات الرسمية، فيما المسيحيون غائبون عن هذه الإدارة، كما أن شبابنا يهاجر وهناك مليونا نازح سوري على الأقل في لبنان، وهذه العوامل تشكل مجتمعةً أخطاراً تطوّق اللبنانيين، بالإضافة إلى التشرذم على الساحة المسيحية حيث ما من توافق على أية عناوين”.
ويؤكد على “أهمية الإلتفاف حول سيد بكركي، وعرض كل الطروحات وكل الأفكار لدى جميع الأطراف المسيحية، وكل المخاوف التي يراها البعض لدى الآخر، علماً أنه إذا كان من حق كل حزب أو تيار سياسي أو مجموعة أن يكون لها فكرها واستراتيجيتها السياسية، ولكن يجب أن يتوصلوا إلى قواسم مشتركة لينطلقوا منها، لأنه ليس من مصلحة المسيحيين أن يبقى كل فريق على متراسه بمواجهة الآخر”.
وحول ما يطرح من لقاء مسيحي في بكركي، يشدد على أن “سيدنا البطريريك لم يتوقف يوماً عن توجيه النداء إلى الجميع من أجل التلاقي، وما زال صوته صارخاً في كل يوم أحد في عظة القداس في بكركي، حيث يدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية وإلى التلاقي والتواصل بين الجميع على الساحة الداخلية”.
ويكشف أن “الخطوط ليست مقطوعة بين بكركي وكل القوى السياسية، وان البطريرك الراعي يلتقي موفدين من الجميع، وهو لم يتوقف يوماً عن التأكيد على الوحدة، إذ يعتبر أنه من المؤكد أن هناك نقاطا يستطيع المسيحيون أن يتفقوا عليها، ذلك أن مشروع بكركي هو الشراكة وليس أن تكون في مواجهة أي فريق على الساحة الداخلية. وبالتالي، فإن اللقاء بين الأقطاب المسيحية هو الأحبّ على قلب البطريرك الراعي”.
أمّا عن الدعوة هذه الأقطاب إلى اللقاء يجيب أن “غبطته هو صاحب القرار”.
ومن ضمن هذا السياق، يقول الأب أبو كسم إن “الشغور الرئاسي ليس وحده مسؤولاً عن الأزمة الحالية”، مشيراً إلى “تراكمات عدة قد سجلت منذ اتفاق الطائف إلى اليوم، بدءاً من عدم تنفيذ الطائف بكافة بنوده، فالملف الرئاسي وأزمة الشغور هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فالبلد اليوم هو من دون رأس، وكل ما حصل من أحداث منذ “الثورة” إلى اليوم، قد زاد من نسبة المآسي بين الناس، وأدى إلى أزمات بين كل الأحزاب اللبنانية، وليس فقط بين القوى المسيحية”.