IMLebanon

الأب سليم دكاش: نضج الشباب قبل الأوان وإرادة التغيير “نار مخبّايي”

 

“أنا يسوعي حتى النخاع وعند التحدّي أرسم شارة الصليب”

الأب سليم دكاش: نضج الشباب قبل الأوان وإرادة التغيير “نار مخبّايي”

 

نقرأ في خواطره، بين كتابة وكتابة إعترضته، شاكست وولدت فوق مساحة بيضاء، لم تستكن حتى كان لها ما أرادت «فخرجت إلى الضوء وفتحت ذراعيها للشمس والهواء وعبّرت عن نفسها، بعد تعبٍ ووجعٍ وكثير من الصلاة، بجراةٍ وبلا مواربة». نقرأ بمتعة. هو مثلها وهي مثله. إنهما نسخة طبق الأصل، خواطره وأفكاره وأعماله، لا تستكين. هو الأب اليسوعي. هو الثائر الذي كتب «ما زالت جنسيّة العلم اللبناني قيد الدرس، وقد نحتاج إلى حروب عديدة لننتج وطناً». هو رئيس جامعة القديس يوسف في بيروت البروفسور الأب سليم دكاش الذي تعلّم وعلّم الفلسفة الإسلاميّة واللغة السريانيّة وأصول الحوار بين الأديان في زمن يشهد سباقاً بين الخير والشرّ والمحبّة والبغض… فهل علينا أن نُعلن اليوم فشل المحبة وسقوط الخير؟ وماذا يمكنه أن يقول لشبابٍ وشابات ينهون دروسهم، يوضبون أمتعتهم، ويغادرون؟

 

ندخل حرم جامعة القديس يوسف في بيروت، التي تستمرّ واحة خضراء تنبض في قلب عاصمة تتيبس عروقها. إبتسامة رئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش (مواليد عام 1950) تكاد لا تفارق وجهه. متسامحاً يبدو لكن غير متساهل. ثمة هرّة تجلس على الكنبة المجاورة. إنها «فلافي». هو يحبّ الحيوانات الأليفة ويعتني بها. وهناك كاميرا «نيكون زد» على الطاولة. يعشق البروفسور- الأب إلتقاط الصوّر «منذ أيام الإكليريكية في غزير ثم في مرحلة الإبتداء في مصر». وأول كاميرا اقتناها «على ذوقه» كانت في العام 1978. يشعر الزائر في مكتبه بدفء المكان الذي يمضي فيه أكثر من ست عشرة ساعة يومياً. الكتب مشقوعة. الجرائد أيضاً. يلتهم القراءة بنهمٍ. يقرأ ويكتب ويعلّم ويناقش أطروحات ويشارك في مؤتمرات ويلتقي طلاباً ويصغي الى معاناة أهالٍ… والسؤال: كيف يجد حلولاً لطلابٍ ينشدون العلم ويواجهون الفاقة وكم هي كثيرة اليوم؟ يجيب بابتسامة فيها خفر: «تنتهي الأمور بهدية يقدمونها للجامعة تنكة زيت ومرطبان زيتون». نعم، ثمة منح كثيرة تعطى اليوم لطلابٍ بحاجة إليها والأهالي، بعنفوانهم، يردون الجميل من عطاء الأرض.

 

إبن البوار

ينتمي الأب اليسوعي الى بلدة البوار «سجلي 73 كسروان. نحن أربعة إخوة. انا الكبير وأتى بعدي ضومط ثم شربل ثم زخيا. هي أسماء مارونية «قحّ»، أما أنا فسموني على إسم جدي: سليم. جميل هو هذا الإسم. أليس كذلك؟». يسأل السؤال ويتابع: «ولدتُ على عيد مار ضومط لكن والدي جرجس نذر أن يسمي الصبي الثاني ضومط. وهذا ما كان. أما والدتي فكان اسمها محبوبة وكانت بالفعل محبوبة. كانت إسماً على مسمى».

 

لم يكن في بيت دكاش في البوار كهنة لكن العائلة الكبرى كانت متعلقة جدا بالكنيسة وبالقديس ضومط ويقول «كان والدي دائماً صديق المطران والمونسنيور والكاهن وكان يخدم في الكنيسة. كنت ارافقه. وأمران أحببتهما في صغري للغاية: الكتاب. كنت أصرخ: أريد كتاباً…. أريد كتاباً… أتتخيلين؟ وما زلت حتى اليوم صديق الكتاب. أما الأمر الآخر الذي أحببته وسعيت إليه فهو ان أكون صديق الكنيسة. هناك تعلمت الحرف على يد راهبات العائلة المقدسة».

صعباً كان أن يفهم طفل سبب إختياراته أما اليوم فيُحلل الأب دكاش سبب عشقه للكتاب بالقول: الكتاب علم والعلم حرية. ماذا عن عمر الطفولة والمراهقة؟ هل يتذكر قراره دخوله الكهنوت ونذوره الأولى؟ يجيب: «في عمر العشرة اعوام لا يمكن أن يأخذ الإنسان قراره، لهذا حين إنتهيتُ من دروسي الثانوية إخترت أن أذهب الى اليسوعية. رأيت في اليسوعيين ما أحبّ وهو حبّهم للأفق الى اللاحدود. هذا ما كان يلحّ عليّ في ذاتيتي وعززته القراءة والكتاب. وأذكر أنني أنتجت في الفترة الثانوية جريدة سميتها الحائط. كنت آخذ مقالات من الطلاب وأعلقها على الحائط. كنت رئيس تحرير الحائط. إعتبرت ان الصحيفة أداة لتحرير الإنسان والإنفتاح نحو الآخر. في هذه الفترة تخمرت سياسياً على التيارات والأحزاب والإيديولوجيات. إنفتحتُ على عالم السياسة وبتّ أفهم أكثر طبيعة الصراع الدائم بين المكونات. لم اتعلق بأي تيار معيّن لكني تأثرت بمنهجيات بينها المنهجية الماركسية التي أثّرت بطبيعة عملي. أصبحت إنساناً عملياً أكثر في مجتمع نعيشه فيه نزعة نحو الخير ونزعة نحو الشرّ. كل هذه المسائل عشتها باكراً على مستوى المرحلة الثانوية وتعززت في الإكليريكية في غزير أولا وجعلتني أتعلق أكثر فأكثر باليسوعيين. كانوا يمنحوننا المجال للعلم والانفتاح والتحدي. تعززت في أعماقي نزعة التعبير عن الأفكار بحرية».

لا يأس ولا استسلام

 

في كلامِهِ كثير من إستعارات التحدي فهل مارسه في قراراته وخطواته؟ يجيب «أنا والتحديات صنوان. لم أستهب يوماً الأوضاع الصعبة ولم تجعلني أعود الى الوراء أو حتى أجمد في مكاني. رأيت دائماً أن كلّ حالة يقال عنها مأزومة لا بُدّ أن يكون في آخرها نور. لا يأس ولا إستسلام في حياتي العملية» ويستطرد: «في العام 1983 قدمت نذوري الأولى وارتسمت عام 1985 ونذوري النهائية في الرهبنة اليسوعية كانت عام 1993».

 

هل نفهم من ذلك أنك أصبحت من جنود يسوع (يقال أن أعضاء الرهبنة اليسوعية يسمون جنود يسوع المسيح)؟ يجيب: «نحن إسمنا فيه عشق ليسوع المسيح. أنا يسوعي. أنا مرافق يسوع. أعشقه. إكتشفت في التزامي الكهنوتي الابرشي حياة يسوع وهو القائل بطوبى للفقراء. هذا مشروع حياة وثورة وتكوين مجتمع جديد وكل شيء ليس من منطق بشر وجدته في يسوع. فما تكلم عنه يسوع ليس قائماً على منطق البشر، منطق القوة، بل على منطق الله. كل شيء ليس فيه حسابات ضيقة وجدته في يسوع. وجدت كرامة الإنسان أولاً، فنحن إخوة يسوع «سوف لا أدعوكم عبيداً بل أدعوكم أصدقائي وإخوتي لأن كلّ الأشياء لتي سمعتها من أبي أخبرتكم بها». هذه تعاليم يسوع. هو دعا الى الحرية التي تحافظ على كرامة الإنسان والمجتمع».

 

طبيعي أن يعيش الإنسان تردداً في حياته. ماذا عن التردد في حياة الأب سليم دكاش؟ يجيب «حياة العزوبية المختارة ليست سهلة. وهي ليست انكفاء على الذات بل حريّة من أجل الملكوت. هي رسالة. وها أنا اقضي ست عشرة ساعة هنا يومياً مكرساً الوقت للتعاضد والتضامن. هذا من التحديات العميقة في حياتي. نعمل من أجل أن تعود وتقف الطبقة المتوسطة، خصوصاً الطبقة المتوسطة في الطائفة المسيحية، على قدميها لأنها الرافعة للبلد. إذا انتهت الطبقة المتوسطة ينتهي البلد. نحن نسعى بكل ما اوتينا من قوّة لتبقى. هذه رسالتي. نحن لا نختار العزوبية لننكفئ على ذاتنا بل كي نكون أحراراً أكثر من اجل الملكوت. أمامنا تحديات عميقة من أجل السماح للعائلات المسيحية المتوسطة بالصمود. هو تحدّ بجعلها تبقى واقفة على قدميها وعدم سحقها وتتمثل بالأطباء والتجار ورجال الأمن والموظفين… يجب أن يستعيد كل هؤلاء الطمأنينة. لا يمكننا أن نغمض العيون أمام هذا الأمر».

شغل الأب سليم دكاش المسؤولية الأولى في مدرسة الجمهور ونجح «كنت رئيس مدرسة الجمهور. شغلت في البداية، بين العامين 1989 و1991، صفة مدير الدروس. هذا امر أتاني من الرهبنة في وقت كنت أريد أن أكون في الجامعة. صدر الأمر من الرهبنة فتوجهت مطيعاً الى مدرسة الجمهور. نحن ننذر في حياتنا الطاعة. نجحت في عملي فطلبت مني إدارة المدرسة وبقيتُ فيها حتى عام 2011. قبل ذلك كنت مدير المعهد الشرقي وكلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف. كنت أستاذاً وعدتُ أستاذاً. مضى على وجودي هنا منذ العام 1983 وكنت قبل ذلك طالبا أدرس الفلسفة في الجامعة أيضا. أنا يسوعي حتى النخاع».

نراه دائما ينشد الحوار في زمن الصمّ والثرثرة. ألم يتعبه ذلك؟ ألم تنهكه التحديات اللامتناهية؟ يجيب: «أعترف أن التحديات التي واجهتنا كثيرة. العالم مليء بالشرّ والحروب. وأتذكر يوم دخل السوريون، بعد حربي التحرير والإلغاء، في أيلول عام 1990 المنطقة ودمروا أجزاء واسعة من مدرسة الجمهور. كنت هناك. والتقطتُ أوّل الصوّر وهم يتجهون نحو نزلة الجمهور متجهين الى وزارة الدفاع».

النزعة الصحافية التي فيه لازمته مثل ظلّه. فبعد أن أمسك عدسة التصوير وأنشأ صحيفة الحائط عمل في سبعينات القرن الماضي في «لسان الحال»: «عملتُ فيها بين عامي 1970 و1974, تعاونت مع كيوان نصار وعدلي الحاج. كنت أكتب في القسم الثقافي وتابعتُ أخبار الندوة اللبنانية. وكتبتُ أيضا في الإقتصاد. وأتذكر أن جبران حايك طلب مني أن أكتب تحقيقاً عن العائلة. أنجزته ووضعته على مكتبه. وحين قرأه صرخ في وجهي قائلاً: طلبتُ منك كتابة تحقيق لا سفر التكوين». (يضحك كثيراً لذلك) ويضيف: «اتذكر تلك الأوقات وكأنها حصلت للتوّ. عملتُ أيضا في المطبعة وتلونت يداي بالحبر. وعملتُ في التصحيح وتعرفتُ على مختلف المراحل في العمل الصحافي».

 

بداية الأزمة

تستيقظ الهرّة «فلافي» من نومها وتسرح على هواها في الأرجاء. كل الكائنات في هذه الدنيا بحاجة الى طمأنينة وسلام وأمان.

 

الحياة تحدٍ مستمر. والروح القدس هو الذي يفرز خدامه. يقول رئيس جامعة القديس يوسف «بقدرِ ما تزيد الأزمات تزيد قدرتنا على المواجهة. في العام 2012، كانت بداية الأزمة المالية التي شعرنا بها من خلال بروز حاجة جزء من طلابنا للمساعدة. وزادت الحاجة تدريجياً، سنة بعد سنة، وارتفع الطلب على المنح. شعرنا أن الناس تزداد فقراً وتفقد قدراتها. حصل تفجير مرفأ بيروت وتهدمت الجامعة ومستشفى اوتيل ديو. كنت لحظة الإنفجار في اجتماع في المستشفى. كل شيء تطاير. وهل تعرفين ماذا كانت المهمة الأولى تقضي؟ كان علينا إيقاف صوت أجهزة الإنذار التي صمّت آذاننا بعد الإنفجار. يا ربي ماذا حصل. رأيت الأضرار البشرية والمادية في كلِ مكان وأول أمر فعلته أنني رسمت شارة الصليب على صدري. التحدي الأكبر كان إستمرار الجامعة برسالتها. أموالنا في المصارف. الإقتصاد منهار. المؤسسات مشلعة. لكن التحدي، أكرر مجددا، يواجه بالإيمان والثقة بالذات وبالعمل الجماعي. واشكر ربي على الطاقم التعليمي في الجامعة الذي امتلك كل ذلك. وهذه علامة ثقة. وكل ذلك دفعنا لنقول لكل من هم حولنا: نحن لن نتوقف. سنتابع. ساعدونا. كل واحد أعطى من ذاته لنتابع الرسالة».

 

لا يتوقف الأب سليم دكاش عن ذكر كلمة التحدي «فالفاشل هو من لا يحاول». لكن ماذا عن الطلاب؟ ماذا غيّرت الأزمات فيهم؟ يجيب الأب دكاش: «نضج الطلاب قبل عمرهم. بدأتُ أسمع من طلابٍ كثيرين: نريد أن ننهي دراستنا لنسافر ونعمل ونساعد أهلنا. أحلام الشباب والشابات تغيرت وما عادت تتمحور حول بناء الذات فقط. هؤلاء يقولون: لدينا إخوة وأخوات نريد ان نساعدهم ليكملوا هم أيضا دراستهم. لاحظت أن حبّ العطاء إشتدّ لدى عنصر الشباب. هم بحاجة الى من يساعدهم لكنهم يصرون على المساعدة. وهذا أمر- على الرغم من كل السواد – جميل. إنهم يعطون من وقتهم خدمة لسواهم ويمتلكون روح المواطنية. طلابنا يمثلون لبنان الكبير. صحيح تحصل أحيانا تجاوزات لكننا نساعد على تجاوزها ونقاصص. وأعتقد أن كثيرين ينظرون اليوم الى الجامعة اليسوعية كمرجع للبنان الكبير، لبنان الدستور والقوانين واحترام الجميع. وهذه السنة أنشأنا أكاديمية للتنشئة على المواطنية ضمّت أربعين طالبا وطالبة».

 

كانت جامعة القديس يوسف من بين أول الثوار في العام 2019 وقبله في العام 2005… فهل ما زالت الثورة – على الرغم من كل الإخفاقات – تداعب كل من في الجامعة؟ يجيب «همّ الطلاب اليوم اختلف. وباتت لديهم اولويات غير حمل العلم والنزول الى الشارع. لكن، أؤكد، أن العوامل الموجودة على الأرض التي تؤهل لقيام الثورة لا تزال موجودة، لا بل تزيد، ولا نعرف متى ستظهر مجدداً. لهذا أقول: حذارِ حذارِ… اقول للآخرين الذين لا يساعدون على إحداث التغيير أن يعملوا الآن عليه. لن يقبل الجيل الجديد بالإبقاء على الزبائنية الى الابد. تؤهل الذهنيات القائمة والتسلط على الناس لتفجير الاوضاع في أي وقت».

 

التغيير بحاجة الى حماسة. والشباب فقدوا الأمل… يقاطعنا بالقول: «لا ترين النار التي تتأجج في الداخل. النار «مخبايي» كما تلك التي تحت الرماد. إسألي الشباب عن النار التي في داخلهم التي تعزّز فيهم إرادة التغيير».

 

صحيح أن بين الإحتيال والإحتياج حرف واحد مختلف، لكن الثابت الأكيد أن الإحتياج كبير. والأهالي، خصوصاً في بلدات الأطراف، لهم معاملة خاصة من الجامعة اليسوعية بحسب رئيسها. ويقول: «في إحصاءاتنا التي نقوم بها كل صيف، كان عدد طلابنا في تموز 2022، 13,300 طالب يتوزعون على 13 كلية. ودلّ الإحصاء أن 68 في المئة من الطلاب، ممن أنهوا دروسهم في 2022، يريدون مغادرة لبنان». رقم مقلق لكنه متوقع.

 

الحوار

بعد ثلاث سنوات يصل البروفسور الأب سليم دكاش عمر التقاعد الجامعي. فهل ستنتهي أحلامه عند هذه الحدود؟ يجيب: «سأكون قد أدّيت قسطي وواجبي لكن هذا ليس معناه أبدا أنني سأكون قد إنتهيت. هناك أمور كثيرة أخرى من واجبي متابعتها إذا أعطاني الربّ الصحة وسأكون طبعا في خدمة الجامعة».

 

هو يتابع أعمال الحوار المسيحي الإسلامي ويرفض دعوات الفيدرالية ويقول: «الحوار هو مسار. وأهم ما فيه أننا نتعرف على بعضنا كإخوة ونعمل على إزالة الحواجز المصطنعة بيننا. صحيح أن هناك قضايا صعبة لكننا تقدمنا بها. مثلا على ذلك، وثيقة الأزهر عام 2017 واللقاء المسيحي الإسلامي المسكوني حول المواطنة. حصل تطور كبير في هذا المجال لم نكن نتخيله قبل عشرين عاماً». ويستطرد: «أنا مؤمن بلبنان الكبير الذي هو اليوم في اختبار عميق جداً في ما خصّ الدستور والقوانين ووحدة المسار. أما بالنسبة الى دعاة الفدرالية، ولي بينهم أصدقاء كثيرون، فأقول لهم: دعونا نشتغل أكثر على الإدارة اللامركزية. فحين أرى المسيحيين خارج لبنان يمتلكون ما لا يقل عن 35 في المئة من الأراضي خارج جبل لبنان أسأل: ماذا سيحصل بهؤلاء إذا اعتمدت الفدرلة؟ نحن لدينا إختبار عظيم هو الدستور اللبناني والقوانين لكن مشكلتنا ليست مع نظامنا بل مع سياسييننا».

 

المسيحيون محبطون وأنتم تتحملون المسؤولية… يقاطعنا بسؤال: أنا؟ نصحح السؤال: أنتم أهل الكنيسة؟ يجيب: «صحيح، يجب على الكنيسة ان تعمل اكثر على ذاتها وتعمل على منح الثقة الى أبنائها. يسوع المسيح عزّز هذه الثقة من خلال الشفاءات: لا تخف أيها القطيع الصغير… لا تخف يا اخي أنا معك… مطلوب من الكنيسة إعادة ترسيخ هذه الثقة كي لا نقع في اليأس والإحباط ونزول».

 

من يعمل يُخطئ… أين أخطأ الأب سليم دكاش؟ «لا أعتقد أني أخطأت كراهب يسوعي ملتزم لكن، إذا كان من خطأ فهو أنني لم أصغِ دائما الى رأي غيري الذي اكتشفت لاحقاً أن فيه معنى وبلاغاً. ربما اكون قد أفرطت في الإعتداد بنفسي. أما، في ما يتعلق بالتوجهات الأساسية فإذا كان من خطيئة فتكون جماعية لأننا عملنا معا وآمنت دائما بقيمة العمل الجماعي».

 

المرتّل

 

مرتلٌ في الكنيسة هو الأب دكاش. ومن يرتل يصلي مرتين. هذا ما قاله القديس أغسطينوس. واياً من التراتيل يحب: قلبي مستعدٌ يا الله. إني أرنّم واشيد، إستيقظ يا مجدي إستيقظ، أيها العود والكِنارة…». هو يعيش بين الكتب ليل نهار وفي يده اليوم كتاب عن الفيدرالية لنمر فريحة ويقول: القراءة تتطلب بعض الراحة وعملنا فيه كثير من الضغوطات».

 

هو يكتب خواطر نهاراته ولديه كتاب «خواطر على الطريق». سألناه في حوارِنا أن يكتب خاطرة جديدة لقراء هذا النص فكتب: «في عمق اللقاء، بين الناس والناس، والواحد والآخر، يتحرك الحبّ المولد للثقّة، والأفق المفتوح الى البعيد، الى الجديد، الى الوطن المنشود، الى جودة السؤال والجواب، الى حياة تعشق الصراع في الحبّ».

 

أنجب الأب دكاش ثلاثين كتاباً. وعنون أطروحة له: هل يأتي الخلاص من المدرسة؟ خلص فيها الى جواب: نعم. هذا قد يتحقق آمنت المدارس بالقيم المشتركة وبالكرامة البشرية. يحبّ الموسيقى والأغنيات الطربية الشرقية. وهو مستمع ممتاز لأغنيات أم كلثوم وميادة الى فن المقامات.

قال الأب سليم دكاش ما قال ولديه بعد عمل كثير.