فيما يرجّح «متفائلون» إطلاق سراح هنيبعل القذافي في الأيام المقبلة، لا يزال النائب السابق حسن يعقوب قيد التوقيف للاشتباه في تورطه بخطف القذافي، وربما يدّعي عليه القضاء بهذا الجرم. هكذا، وبسبب تصرف غير واضح الدوافع حتى الآن، انقلبت الآية بين نجل الضحية ونجل الجلاد
بات النائب السابق حسن يعقوب أمس ليلته الثانية لدى فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في الأشرفية، موقوفاً على ذمة التحقيق، بناءً على إشارة النائب العام التمييزي في قضية اختطاف هنيبعل القذافي. الدقائق القليلة التي تعهد ضباط الفرع بأخذها من وقت يعقوب صباح الخميس الفائت، بسبب تداول اسمه في الإعلام إثر انتشار خبر الاختطاف، صارت ساعات. من المنتظر اليوم أن يبتّ مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود مصير يعقوب بانقضاء المهلة القانونية للتوقيف على ذمة التحقيق. مصادر قضائية رجّحت إصدار مذكرة توقيف بحقه. رقعة التحقيقات تمددت إلى مرافقيه الذين استُدعي أربعة منهم. حتى مساء أمس، ترك ثلاثة وأبقي على الرابع موقوفاً قيد الاستجواب.
كل التحقيقات مع المشتبه فيهم تدور في فلك ما أدلت به اللبنانية فاطمة هـ.، أرملة الشهيد هلال الأسد (القائد السابق لقوات الدفاع المدني في اللاذقية). في اليوم التالي لانتشار الشريط المسجل لهنيبعل، ليل الجمعة الفائت، توجهت فاطمة إلى أحد الاجهزة الأمنية، وأدلت بكل ما تعرفه. مصادر مواكبة للتحقيقات نقلت لـ»الأخبار» قولها إن «صداقة تربطها بهنيبعل، وبيعقوب، كل على حدة. تعرفت إلى هنيبعل عبر أخته عائشة، فيما ربطتها بيعقوب علاقة ودّ واحترام بعد أن آزرها الأخير عند استشهاد زوجها في الحرب السورية. حتى إنه ألقى كلمة في حفل تأبينه».نقلاً عن إفادتها، أقنعها يعقوب بأن في استطاعته «مساعدة هنيبعل الذي طلب دعمها في حل مشكلات لديه». تجزم الصديقة المشتركة بأنه «لم يخطر ببالها القاسم المشترك بين صديقيها، والد هنيبعل (معمّر القذافي) أخفى والد يعقوب (الشيخ محمد يعقوب مع السيد موسى الصدر الصحافي عباس بدر الدين». هنيبعل نفسه أكد خلال إفادته بأن اسم يعقوب «لم يعن له شيئاً استثنائياً أكثر من كونه سياسياً لبنانياً» قالت المصادر. بدأت الاتصالات بين الرجلين، عبر فاطمة، قبل ثلاثة أشهر من الخطف. «وعد يعقوب بتقديم القذافي إلى شخصيات لبنانية» قالت فاطمة. مطلع الشهر الجاري، حُدّد الموعد على طريق المزة في دمشق حوالى الساعة الثامنة والنصف ليلاً، بطلب من يعقوب. «ترك هنيبعل سيارته وسائقه وصعد إلى السيارة التي أرسلها يعقوب وتوجه مع الأشخاص الذين كانوا بداخلها نحو طريق غير مأهول، إلى أن توقفوا وأنزلوه ووضعوه في صندوق السيارة ثم ساروا به نحو البقاع». بعد مرور ساعات على الموعد، اتصلت فاطمة وزوجة هنيبعل للاطمئنان عليه، لكن هاتفه كان مقفلاً. بعد اتصالات عدة، أجاب يعقوب قائلاً إن «هنيبعل بخير وبأيد أمينة». وقالت إن يعقوب وعدها بأن يجعل هنيبعل يتصل بزوجته. مرّت الأيام على فاطمة وهي تتأرجح بين الاطمئنان والريبة، إلى أن شاهدت التسجيل على وسائل الإعلام. عندها أدركت «الفخ الذي نصبه يعقوب»، فقررت البوح بما تعرفه، متّهمة يعقوب بتوريطها.
المصادر تحدثت عن شخص علم بعملية الخطف بعد أيام، وبالمكان الذي يحتجز فيه هنيبعل، فسارع إلى «دهم» المكان حيث وجده مقيّداً، وحاول انتزاعه من أيدي خاطفيه، قبل تسليمه إلى فرع المعلومات. وبحسب المصادر، رفض الخاطفون تسليمه إلى ذلك الشخص، محاولين إقناعه بـ»استخدام هنيبعل للتفاوض عليه لقاء فدية تبلغ مليوني دولار، يتقاسمونها معه».
تقول وكيلة القذافي إن وزير العدل الليبي أكّد أن موكلها غير مطلوب في بلاده
رغم تكشّف الخيوط يوماً بعد يوم، إلا أن تساؤلات عدة لم تجد أجوبة بعد. لماذا لم يطلب القضاء من فرع المعلومات استدعاء يعقوب ومرافقيه إلا يوم الخميس، أي بعد أيام من الحصول على الرواية الكاملة من فاطمة؟ وهل اتهام وكيلة هنيبعل، بشرى الخليل، لوزير العدل أشرف ريفي، عبر «الأخبار»، بالتورط في الخطف، دفعه إلى تحريك التحقيقات لردّ التهمة عنه؟
على صعيد متصل، أعلنت الخليل أن ريفي تلقّى اتصالاً مساء أول من أمس من وزير العدل الليبي، الذي كان مجتمعاً مع نظيره المصري في القاهرة، وأبلغه أن أصغر أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي «ليس مطلوباً للسلطات الليبية ولا يوجد بحقه أي مذكرة توقيف»، طالباً منه إطلاق سراحه، بحسب ما نقلت الخليل. اللافت أن الوزير الليبي تعهد لريفي بمتابعة كشف ملابسات جريمة إخفاء الإمام موسى الصدر في ليبيا، ودعاه إلى إرسال لجنة تحقيق لبنانية موفدة من الوزارة إلى مدينة البيضاء للبدء بجمع المعلومات حول القضية. بدوره، أكد ريفي أنه سيرسل في أقرب وقت اللجنة للبدء بعملها، علماً بأن لجنة متابعة القضية الحالية برئاسة القاضي حسن الشامي هي تابعة لوزارة العدل.
عائلة يعقوب ومناصروه استمروا يوم أمس في الاحتجاج على توقيفه. قبل الظهر، قطعوا طريق المطار وطريق مقنة البقاعية. وبعد الظهر، نفذوا اعتصاماً تضامنياً أمام قصر العدل، وطالب خلاله علي يعقوب بإطلاق سراح شقيقه، موضحاً أن التحقيق السري مع شقيقه «تأجل، لذا يجب الإفراج عنه في حال عدم استكمال التحقيق، وفي حال كانت هناك أدلّة تدين الموقوف فلتحوّل إلى القضاء». ورأى أن من «العار على الدولة أن تستنفر كلّ أجهزتها وتحقق اليوم مع كل آل يعقوب، بعدما تركت القضية (اختطاف الإمام الصدر ورفيقيه) 38 سنة». من جهته، قال محامي يعقوب إنه لم يستطع مواجهته بعد، وأوضح أن الأمر قد يكون مفهوماً بما أن التحقيق سرّي، إلا أنه تساءل عن «التسريبات الخطيرة التي تخرج إلى العلن، ما يفرض السماح له بمواجهة موكله للتأكد ممّا يشاع». يوم الاحتجاج انتهى في وطى المصيطبة أمام منزل المدعي العام القاضي سمير حمود، حيث احتشد مناصرو يعقوب لحوالى خمس ساعات، وأحضروا خيماً للنوم وكراسي بهدف تنظيم اعتصام مفتوح حتى إطلاق سراحه. وبعد اتصالات معهم من قبل ضباط في قوى الأمن الداخلي، انسحبوا، داعين إلى اعتصام آخر اليوم أمام قصر العدل.