Site icon IMLebanon

انتخابات الفتوى: المستقبل يسيطر… ويخسر!

باحتساب الأعداد، حصد تيار المستقبل غالبية مقاعد المجالس الشرعية والإدارية في بيروت والمناطق. لكن، في الواقع، شكّلت النتائج صفعة مدوّية للتيار: خرق لائحته في بيروت إشارة غير سارّة. فوز مرشحه في عكار بفارق ٨ أصوات فقط عن مرشح الجماعة الإسلامية علامة تراجع. تهاوي لائحته في طرابلس إشارة ثالثة. تقدّم المرشح المقرّب من الوزير عبد الرحيم مراد بفارق كبير عن مرشحه في البقاع الغربي له أيضاً دلالاته. من في تيار المستقبل يتحمّل مسؤولية هذه النتائج؟ الرئيس فؤاد السنيورة الذي نسّق أسماء المرشحين واللوائح والتحالفات والمنافسات، أم الحلفاء الذين غدروا بالتيار وملّوا من لعب دور التابع، فأرادوا تقرير مصيرهم؟

للمرة الأولى منذ أكثر من تسع سنوات، انتخبت دور الإفتاء في المناطق مجالس إدارية وشرعية، في عهد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. لمسات تيار المستقبل التي كانت طاغية على خريطة الترشيحات والتحالفات، انحسرت في الصناديق لتصنع خريطة متعددة تجمع كل الألوان.

بيروت عاصمة المجلس الشرعي أيضاً. حصتها 8 مقاعد من أصل 24. كما كان متوقعاً، أحكم المستقبل ظله على واجهة المجلس. لكن لائحة النهوض الإسلامي التي ركّبها فازت بسبعة أعضاء. ولم يكن متوقعاً أن يكون العضو الثامن الذي اخترقها، مسقطاً مرشحها محمد فرشوخ، هو القاضي المدني راشد طقوش المدعوم من الجماعة الإسلامية. ضمّ المستقبل الى اللائحة نائب الأمين العام للجماعة مصطفى خير. لكن يبدو أن «الإخوان» لم يكتفوا بذلك، فشطبوا فرشوخ لصالح طقوش.

التباين في عدد الأصوات التي نالها أعضاء اللائحة، يشير إلى غدر أو ثأر مارسته الجماعة ضد حليفها الأزرق. فقد نال طقوش 52 صوتاً، فيما نال محمد بيضون المستقبلي أعلى الأصوات (70 صوتاً). أما الشيخ زياد الصاحب المستقبلي فنال النسبة الأقل (38 صوتاً).

شكلت انتخابات بيروت فرصة للجماعة للانتقام من إعطائها القليل في المناطق. في دائرة جبل لبنان، لم ينجح التوافق بينها وبين المستقبل الذي رفض منحها أي عضو في المجلس الشرعي، في مقابل منحها مرشحين في المجلس الإداري. في المجلس الشرعي لجبل لبنان، فاز الشيخ رئيف يونس عبد الله المحسوب على الحزب التقدمي الاشتراكي والمستقل خالد عبد الله المدعوم من مفتي جبل لبنان محمد الجوزو والقضاة المدنيين.

جنوباً، نجحت سياسة النائبة بهية الحريري. أرضت الحلفاء بحصص قليلة لتحتفظ بسيادتها. في أقضية صيدا وصور وحاصبيا مرجعيون، فاز تحالفها مع الجماعة وحلفاء المستقبل. في صيدا، ألغى التوافق والتزكية الانتخابات في المجلسين الشرعي والإداري. الجماعة حصلت على حصة في المجلسين بأربعة أشخاص، منها مقعد واحد في المجلس الشرعي (موفق الرواس المقرب أيضاً من دريان). الحريري لا تزال تمسك بقبضتها من خلال المقربين والأقرباء. في صور، ترك المستقبل للجماعة مقعدين وللمستقلين مقعداً. وفي حاصبيا ــــ مرجعيون، لا يزال المفتي حسن دلي «سوبرمان». فهو المفتي وعضو المجلس الشرعي، فيما ابن عمه اسماعيل دلي يمثله في مجلس الأوقاف.

دريان الفائز الأكبر والجماعة تخرق بمرشح في بيروت

في إحدى فئات المجلس الإداري في القضاء، فاز بالتزكية قبل أسبوعين مرشح رئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا.

في أقضية البقاع، تقاسم المجالس كل من المستقبل ومفتي البقاع خليل الميس والوزير السابق عبد الرحيم مراد والجماعة. عن المجلس الشرعي، فاز مرشح مراد ودريان القاضي عبد الرحمن شرقية ومرشح المستقبل محمد الصميلي. وفي قضاء بعلبك ــ الهرمل، فاز مرشحو الجماعة والمستقبل.

بدا دريان الفائز الأكبر. ليس بسبب الكوتا التي يمنحه إياها القانون وتخوّله تسمية ثمانية أعضاء في المجلس الشرعي من أصل 32 فحسب، إنما بسبب فوز عدد من المقربين منه في المناطق. الفوز الأهم في أوقاف بيروت، حيث يوجد عدد كبير من الأملاك العائدة للمديرية العامة للأوقاف والتي تساوي عشرات ملايين الدولارات. الشيخ زهير الكبي المقرب منه فاز في الأوقاف عن فئة رجال الدين، وعن فئة الملاكين فاز صديقه المحامي عمر اسكندراني.

أطراف كثيرة ليست راضية عن النتائج، ما سيزيد من الضغط على دريان في تسمية أعضاء الكوتا للتعويض عن خسارتهم. فيما ترجح مصادر مواكبة أن يعترض البعض أمام مجلس شورى الدولة ويطعن في نتائج بعض الدوائر.

لكن مهما كان الناجحون والخاسرون من السياسيين، فإن دار الفتوى نجحت في إخضاع مؤسساتها للانتخابات. النقطة الإيجابية التي تسجل في عهد دريان هي مشاركة ثلاث نساء في الانتخابات للمرة الأولى، على الرغم من أن الحظ لم يحالفهن، وهن: زينة المصري، ندى رمضان وغنى فايد.

وكان رئيس الحكومة تمام سلام قد افتتح عملية الاقتراع في عائشة بكار. ورأى أنه «يوم جديد نتابعه بعدما كنا في الصيف الماضي قد انتخبنا بجو ديموقراطي دريان وفتحنا صفحة جديدة».