Site icon IMLebanon

ماذا قال كرامي عن الحريري؟

 

 

مع توضيب الرئيس سعد الحريري حقائبه ومغادرته الحياة السياسية الى أجل غير مسمّى، بدأ الحلفاء والخصوم بالتحضير، ولو ضمناً، لإجراء حصر إرث سياسي لزعيم «تيار المستقبل» الذي قرّر الاعتزال على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات النيابية، ما ترك قواعده في حالة ذهول وذبول.

إذا كان الوقت هو وحده الكفيل بكشف القِطَب المخفية في قرار الانسحاب وبتحديد حجم تأثيراته على التوازنات الداخلية، فإنّ الأكيد هو انّ البيئة السنّية ستكون المسرح الأوسع لـ»تجارب» ما بعد الحريري، والمساحة الأكبر لتفاعلات غيابه انطلاقاً مما كان يمثله الرجل في طائفته.

وفي حين يشعر بعض أبناء الطائفة بأنّهم أصبحوا مكشوفين ومتروكين بعد استقالة الحريري من «الزعامة»، تجد شخصيات سنّية كانت معارضة له، انّ لا داعي للهلع، وانّ هناك مبالغات في تقدير الآثار المترتبة على انكفائه، لافتة إلى انّ زعماء كباراً رحلوا، كالرئيس الشهيد رشيد كرامي والرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولكن بقي السنّة في لبنان مكوناً اساسياً ومحورياً قادراً على استيلاد البدائل.

وإلى أن تكتمل صورة المرحلة الجديدة الخالية من «بصمة» الحريري، كيف يعلّق رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي على انسحاب خصمه من مضماري السياسة والنيابة؟

يقول كرامي لـ»الجمهورية»، انّ الرئيس سعد الحريري اختار مصطلحاً حمّال أوجه هو مصطلح «التعليق»، وفعلياً لا يوجد شيء في الشأن السياسي والوطني اسمه تعليق العمل. ويضيف: «فعلياً اتخذ الحريري ثلاثة قرارات، اولاً العزوف عن الترشح للانتخابات، ثانياً انكفاء تياره عن الحياة السياسية، ثالثاً وهو الأهم، حظرُ استثمار خياراته هذه في أي حركة اعتراضية داخل «تيار المستقبل»، وكذلك منع استثمارها من قِبل الآخرين أيضاً كـ»القوات اللبنانية» على سبيل المثال».

ويشير كرامي الى انّ موقفه الطبيعي هو احترام خيار الحريري بالانكفاء، «وأنا لست في موضع ان اتفهم او لا اتفهم اسبابه، لأنني فعلياً لا أعرف الظروف الكاملة التي قادت الرجل الى هذا الخيار».

ويتابع: «قيل في الإعلام الكثير وسيُقال غداً وبعد غد الكثير ايضاً. انا يعنيني ما قاله سعد الحريري، معدّداً الأسباب التي أوجبت عليه هذا القرار، ولست في وارد التكهّن حول اسباب حقيقية اخرى خفية يتمّ التداول بها في الإعلام وفي الصالونات السياسية».

وهل تخشى من ان يملأ التطرّف فراغ الحريري؟ يلفت كرامي الى انّ السنوات الاخيرة اكّدت للداخل والخارج انّ الساحة السنّية في لبنان ليست جاهزة لاحتضان التطرّف بكل أشكاله، «وبالتالي فإنّ هذه المخاوف ليست مبنية على تحليل واقعي وموضوعي للبيئة السنّية اللبنانية».

ومن يمكن أن يرث دور الحريري وشعبيته بعد انكفائه؟ يجيب كرامي: «انا شخصياً لا استسيغ التحدث عن وراثة، فلا أحد يرث احداً، ومن الخطأ النظر الى الطائفة السنّية في لبنان وكأنّها طائفة صمّاء تحمل هواجس الأقليات وتبحث عن زعيم اوحد يقودها ويحميها، فهذه الخاصّية ليست أصيلة وحقيقية في الوجدان والعقل السنّي، وعليه فإنّ الانتخابات النيابية التي أعطت تيار الحريري موقعاً متقدّماً في الطائفة خلال السنوات الماضية هي نفسها، أي الانتخابات، ستحدّد المواقع والأحجام على مستوى الطائفة السنّية التي ارى انّها عائدة الى مشهدها المتنوع، الذي أثبتت الايام انّه يخدم لبنان والطائفة».

وهل تتخوف من احتمال تأجيل الانتخابات النيابية بعد انسحاب الحريري؟ يرفض كرامي الربط بين عزوف الحريري ومصير الانتخابات، مشيراً الى انّه «ومع احترامنا للجميع، فالوطن لا يقف عند غياب او حضور شخصية او تيار او حزب، والحديث عن تهديد مصير الانتخابات النيابية هو تهويل، علماً انّ هذا الاستحقاق الدستوري الأساسي يمكن ان يجري تطييره لأوهى الأسباب، في حال كان هناك قرار بعدم إجراء هذه الانتخابات».

وإلى أي حدّ يمكن أن تستفيد من غياب الحريري حتى تتمدّد أكثر في البيئة السنّية؟ يؤكّد كرامي انّه ثابت في موقعه وخياراته السياسية، «كما انني كنت دائماً من المعارضين للنهج الاقتصادي وللطرق التي تمّت إدارة البلد من خلالها، وبالتالي فإنّ من يرى انّ عليه إعادة النظر بكل المرحلة السابقة وبكل النهج الذي وصل الى حائط مسدود، سيجد ابوابنا مفتوحة. وإذا كان يعني ذلك تمدّداً فأنا اعتبره استعادة للوعي، لكنني قطعاً لست في وارد التسابق على اقتطاع حصة من التركة الحريرية».

وأي تأثير سيتركه ابتعاد الحريري على التوازنات الداخلية؟ يؤكّد كرامي، انّ غياب ركن اساسي تصدّر المشهد وتولّى القيادة لمنظومة سياسية متجذرة منذ عام 1992، هو بمثابة زلزال ضرب هذه المنظومة. وفعلياً التغيير لن يطال التوازنات الميثاقية في لبنان، بل هو محصور في مدى قدرة المنظومة على تحديد خسائرها والدفاع عن نفسها.

ويشير كرامي، الى انّ هذه المتغيرات تتزامن مع الانهيار الذي ضرب كل القطاعات في لبنان، ويهدّد أسس بقاء الدولة «وبالتالي فإنّ اي تغيير هو تغيير سطحي، علماً انني من القائلين انّ هذه المنظومة انهارت لحظة انهيار القطاع المصرفي في لبنان، وما نراه الآن هو توابع ارتدادية للزلزال».