IMLebanon

الحجر المدحرج والخوف على مصيرنا في الشرق

فجر الأحد، وبعدما اعتقد عظماء الكهنة ورؤساء الشعب والفرّيسيون أنّ كل شيء انتهى بموت يسوع وغرق الناس في صمت الأموات، وبعدما خابت آمال الرسل والتلاميذ، كما قال أحد تلميذي عماوس: «وكنّا نرجو أنه هو الذي سيفتدي شعبه» (لوقا 24/21).

جاء إعلان القيامة من النساء حاملات الطيب اللواتي وقفنَ أمام الحجر المدحرج والقبر الفارغ، وإذا بملاك الرب يقول لهنّ: «لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات؟ إنه ليس ههنا، بل قام» (لوقا 24/5).

فاذهبن وقُلنَ لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل» (مرقس 16/6 ومتى 28/6). وكأنّ بطرس لم يصدّق، «فقام وأسرع إلى القبر ليتأكد من خبر القبر الفارغ، وعاد إلى بيته متعجباً ممّا جرى» (لوقا 24/12).

كلهم ذهبوا يبحثون عن يسوع في العنوان الخطأ: في القبر وبين الأموات! بينما يسوع قام بالمجد وراح يتراءى لهم ويكلّمهم. فلم يعرفوه وبقوا غير مصدّقين ومتقوقعين في العلّية من شدة خوفهم.

كل ذلك لأنهم لم يفهموا ما كان قد قال لهم في شأن آلامه وصلبه وموته وقيامته.

لم يفهموا ما كان قد قاله لهم عن «الساعة التي يتمجّد فيها إبن الإنسان»، أي ساعة الموت والقيامة، تماماً كما «حبّة الحنطة التي تقع في الأرض وتموت لتعطي ثماراً كثيرة» (يوحنا 12/23-24).

لم يفهموا أنّ المجد الذي تكلّم عنه يسوع ليس المجد الذي استقبله به أبناء وبنات أورشليم، لأنه مجد بشري زائل وباطل، وسرعان ما تحوّل إلى خيبة أمل كبيرة لأنه لم يُحقّق مصالح مَن هتفوا له. فتحوّلت صراخات الهوشعنا إلى صرخات إصلبه! إصلبه! إذ كانوا يريدونه ملكاً زمنياً يُحرّرهم بقوته وجيشه وسلاحه من نير حكم الرومان، بينما مَجد يسوع هو مجد الملكوت الذي يقبل فيه الملك أن يموت على الصليب ليفتدي شعبه.

قام يسوع وسبقهم إلى الجليل، جليل الأمم، أي خارج أورشليم واليهودية، حيث ضرب لهم موعداً. وهناك كلّمهم قائلاً: «إنّي أوليت كل سلطان في السماء والأرض. فاذهبوا وتلمذوا كل الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيام وإلى نهاية العالم» (متى 28/18-20).

إلى أن حلّ عليهم الروح القدس يوم العنصرة وحرَّرهم من خوفهم، فانطلقوا إلى العالم كلّه يعلنون المسيح القائم من الموت ويبشرون جميع الشعوب بالخلاص متسلّحين فقط بإيمانهم بيسوع المسيح الحاضر معهم وبالمحبة التي كانوا يعيشونها بعضهم مع بعض، فعرف العالم أنهم حقاً تلاميذ المسيح.

وصل إلينا هذا الإيمان بعد 2000 عام من أجداد وآباء أدّوا شهادتهم للمسيح ودفعوا ثمنها غالياً، وأحياناً كثيرة بدمهم في خلال الحروب والاحتلالات والاضطهادات التي عرفتها أرضنا.

وبينما نحتفل اليوم بالقيامة، نتساءل أين نحن من إيمان آبائنا ومن إعلان بشارة الخلاص؟

أين نحن من الخوف الذي يسكن قلوبنا جرّاء الحروب التي تدور حولنا وتنتهك حقوق الإنسان وتُدمّر الحجر والبشر وتدفع الملايين إلى الهجرة والنزوح عن أرضهم؟

أين نحن من خوفنا على مصيرنا ومستقبلنا في هذا الشرق؟ وكأننا نسينا أنّ الرسل كانوا اثني عشر والتلاميذ اثنين وسبعين عندما أرسلهم الرب!

إذا عُدنا إلى ذواتنا اليوم وقمنا بفحص ضمير صادق، في سنة الرحمة، نرى أننا لا نزال متهافتين وراء المجد الباطل والأموال الزائفة والسلطة الزائلة والمصالح الشخصية والضيّقة.

وأننا لا نزال نعيش في خوفنا، خوفنا من الموت وقد انتصر المسيح عليه، وخصوصاً في أيام التعصّب والإرهاب الأعمى الذي راح يدقّ أبواب كل دول العالم ويزرع الرعب، وفي أيام تشابُك المصالح وتزايد الأطماع التي تجعل ملوك العالم ورؤساءه يتصرّفون كما تصرّف آحاب ملك إسرائيل في زمن النبي إيليا فقتل نابوت اليزراعيلي ليسلبه «كَرْمه ميراث آبائه… فباع نفسه لعلم الشرّ في عيني الرب» (1 ملوك 21/16-25).

وأننا لا نزال نبحث عن يسوع في عالم الأموات! بينما هو حيّ وحاضر بيننا ويدعونا إلى أن نكون شهوداً للقيامة في مجتمعنا وعالمنا متجدّدين بالنعمة التي يهبها لنا بالروح القدس.

تعالوا نحتفل بالقيامة، قيامة كل واحد منّا مع المسيح إلى حياة جديدة، فندحرج الحجر عن القبور المكلّسة التي تمثّل أجسادنا المائتة وأطماعنا وتقوقعنا في علّية خوفنا وأنانياتنا!

تعالوا نعمل معاً على تحقيق ملكوت الله، ملكوت العدالة والمحبة والسلام، الذي من أجله مات المسيح وقام فداء عن البشر وحبّاً كاملاً لهم.

تعالوا نردّد بإيمان ورجاء: المسيح قام، حقاً قام!