الخوف من احتدام المواجهة بين عون وبرّي ينعكس مزيداً من التأزم الحكومي
باسيل يعود إلى طرح مشروعه للحل على أساس حكومة من 32 وزيراً
على كثرة الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من القمة العربية الاقتصادية والتنموية الرابعة التي استضافها لبنان، وما أظهرته من هوة سحيقة بينه وبين أشقائه العرب تمثلت بغياب واسع لمعظم القادة والزعماء، في انعكاس واضح لموقف سياسي لا يمكن إغفاله ويحتاج إلى الكثير من الدراسة، فإنه ينتظر أن يعود ملف تشكيل الحكومة الذي سيدخل بعد يومين شهره التاسع، إلى صدارة المشهد السياسي الداخلي المتشظي، جراء المواجهة التي اندلعت قبل القمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وسط خشية من دخول هذه المواجهة عنصر تعقيد إضافي على الملف الحكومي المحاصر بالشروط والشروط المضادة، ما سيجعل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري أكثر صعوبة، في ظل رفض «حزب الله» وحركة «أمل» إعطاء الرئيس عون والتيار الوطني الحر أحد عشر وزيراً، ما يجعله يتحكم بالثلث المعطل، الأمر الذي سيبقي الكباش الحكومي قائماً ومرشحاً للتصعيد، سيما وأن ما رشح من معلومات لـ«اللواء» في هذا الاطار لا يوحي بكثير تفاؤل بإمكانية تجاوز المأزق القائم، مع توقعات باحتدام المواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية، باعتبار أن الرئيس عون لن يقف مكتوف الأيدي إزاء ما اعتبره استهدافاً من جانب الرئيس بري للجهود التي بذلها لإنجاح القمة الاقتصادية.
وتشير المعلومات إلى أن «التيار العوني» الذي يبدو أكثر إصراراً على الثلث المعطل أكثر من أي وقت مضى، في مواجهة محاولات «الثنائي الشيعي» التصدي له لعدم تمكينه من هذا الأمر، يعمل في الوقت نفسه على محاولة تسويق صيغة الإثنين والثلاثين وزيراً على الرئيس المكلف الذي لا يزال يرفضها، بالتوازي مع تسريبات من جانب «التيار البرتقالي»، توحي بتوجه الرئيس الحريري للقبول بها، لتسريع ولادة الحكومة بعدما أيقن بصعوبة السير بالحكومة الثلاثينية بسبب التعقيدات التي برزت بشأن مسألة تمثيل «اللقاء التشاوري». وهو ما نفته مصادر نيابية في تيار «المستقبل» لـ«اللواء»، بالتأكيد على أن الرئيس المكلف على موقفه الرافض لصيغة الإثنين والثلاثين، تجنباً منه لمحاولة فرض أعراف جديدة في التأليف، على حساب الدستور، وبما يتعارض مع صلاحيات رئيس الحكومة المكلف.
وتوقعت هذه المعلومات أن يعاود الوزير جبران باسيل مساعيه، مع الأطراف المعنية من أجل بلورة تصور يفضي إلى الخروج من الأزمة الراهنة، لأن رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر يرفضان أي توجه لتعويم الحكومة المستقيلة، الأمر الذي يستوجب برأي أوساط نيابية في «التيار العوني»، كما أبلغت « اللواء»، الإسراع في تبني إحدى الأفكار الخمس التي تتضمنها مبادرة الوزير باسيل، مشيرة إلى أن لا ضير في توسيع الحكومة إلى ٣٢ وزيراً، إذا كان ذلك كفيلاً بطي صفحة التأليف وإخراج البلد من هذا المأزق، والتفرغ في المرحلة المقبلة لمواجهة الاستحقاقات الداهمة، معربة عن اعتقادها أن رئيس الجمهورية لا يمكن أن يقبل باستمرار هذا الواقع على ما هو عليه، وبالتأكيد سيبحث في الأيام القليلة المقبلة مع الرئيس المكلف في الخطوات التي ينبغي اعتمادها لوقف هذه المماطلة في عملية التأليف، وبما يخفف المزيد من الأعباء التي لم يعد لدى اللبنانيين قدرة على تحمل تداعياتها.
وأشارت إلى أن الرئيس الحريري نفسه يشاطر الرئيس عون قلقه من استمرار حالة المراوحة، وهو يرى ضرورة المبادرة إلى تجاوز العراقيل التي يتم وضعها أمام التأليف، حرصاً على مصلحة لبنان واللبنانيين، لافتة إلى أن الحل المتوقع سيكون من خلال مبادرة الوزير باسيل التي تشكل مخرجاً مناسباً للأزمة الراهنة، على أمل أن تجد طريقها إلى التنفيذ في وقت قريب.