لقاء حزب الله والمستقبل هو الحدث، رغم المسافة البعيدة والشاسعة بينهما التي تمنع لقاءهما الفعلي واتفاقهما المستحيل حول الأزمة السورية وسلاح حزب الله، فاللقاء تقول مصادر متابعة للملف يعتبر بمثابة انجاز خطى خطواته زعيم المستقبل بعد مبادرة الأمين العام لحزب الله لكنه على اهميته وضرورته التي حتمته والتي اوجزها الحريري بتفادي الفتنة السنية والشيعية يعتبر انجازاً متقدماً في العلاقة بعد مشاركة المستقبل وحزب الله في الحكومة السلامية وتعاونهما وتنسيقهما الأمني بعد الغزوات الانتحارية على الضاحية الجنوبية لبيروت، رغم كل التوقعات التي تشير الى بقاء الأمور على حالها حيال بعض الملفات الحساسة والساخنة وارتباط تطورات هذا اللقاء بالأحداث الإقليمية وما يجري بين المحاور الإقليمية المؤثرة في الشأن اللبناني، كما ان السؤال الأساسي الذي يشغل بال الكثيرين في الداخل اللبناني يتمحور حول النتائج التي سيصل لقاء الأخصام في الملف الرئاسي العالق، وعلى حساب من سيصل هذا اللقاء الذي يرعاه من قريب رئيس المجلس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، ومن سيدفع فاتورة لقاء الخصمين اللدودين في السياسة، وبعبارة اوضح ماذا سيكون مصير المرشحين الرئاسيين القويين لرئاسة الجمهورية حلفاء الفريقين، هل سيضحي المستقبل بحليفه في معراب لصالح التوافق ومصلحة البلاد وماذا عن مصير التكامل الوجودي بين حزب الله والرابية؟
هو حديث سعد الحريري بان الملف الرئاسي قد يتجه الى انتخاب رئيس من خارج 8 و14 آذار الذي سبب نقزة سياسية مما يضمره ويخطط له زعيم المستقبل ومما يصبو اليه من الحوار مع حزب الله الذي يسر به المستقبل تحت عنوان وحجة حماية لبنان من المخاطر المحيطة ونيران المنطقة، النقزة تكاد تكون غير متساوية بين معراب والرابية على حد قول المصادر، فكلام الحريري وقعه أسوأ واخطر على حليفه المسيحي الذي «تشظى» مباشرة اكثر من زعيم الرابية بكلام رئيس تيار المستقبل، أولاً لأن كلام الحريري طال بالدرجة الاولى سمير جعجع قبل ميشال عون في الوقت الذي يتحدث فيه حزب الله عن تكامل وجودي مع الرابية وحيث لم تصدر اية اشارات سلبية في الملف الرئاسي من الحليف في حزب الله.
إلا ان ذلك في نظر القريبين من الرابية لا يطرح مخاوف من الحريري بحد ذاته الذي حصر اللقاء بقانون الانتخابات ورئاسة الجمهورية ، ومع ذلك فان القناعة العونية بان الحريري لا يحق ولا يمكن له ان يفاوض على حقوق المسيحيين وتجربة الحلف الرباعي اثبتت فشلها مع تفرد فريق بالحكم وبانها لا تصلح بعد ورقة التفاهم مع الرابية، ويتمسك عون بالطرح التكاملي الوجودي مع حزب الله وكذلك يفعل الحزب الذي لا يمكن ان يفرط مهما كانت الشروط والضغوط بتجربته مع الرابية، فحزب الله برأي المصادر لا يمكن ان يخطىء مع الرابية وهو المنغمس في حروبه ضد «النصرة» و«داعش» وعلى الحدود اللبنانية وفي الداخل السوري، وبخلاف معراب فان حظوظ الرابية لا تزال مقبولة بنظر كثيرين والجنرال على موقفه بضرورة وصول المسيحي القوي الى قصر بعبدا وإلا.. في حين ان موقف معراب يبدو اقل مرونة، فالحكيم يدرك ان حظوظه وفرصه الرئاسية معقدة ومعدومة ولكنه مستمر في محاولة قطع الطريق على عون الى بعبدا وهو يعلن انه على استعداد للتراجع عن ترشيحه لصالح المرشح الذي يريده المسيحيون واللبنانيون.
صحيح ان معراب لم يعجبها كلام الحريري بنعي حظوظ جعجع الرئاسية لكن تفسيرها لكلامه يختلف عن الآخرين، بالنسبة الى معراب فان كلام الحريري لا يعني تخلي المستقبل عنه وهو الذي دعمه في المعركة الرئاسية فتكمن جعجع من حصد 48 ورقة في صناديق ساحة النجمة ومحققاً «سكور» نيابي لا يحلم به وهو الذي يحاط باكبر عدد من الأعداء والأخصام السياسيين داخل المجلس وخارجه، كما ان جعجع تمكن بدعم حليفه المستقبلي من تقليل حظوظ عون الرئاسية وحصر المنافسة بينه وبين ميشال عون الذي دعاه الى مبارزة رئاسية مساوياً الترشيحين ببعضهما تقريباً.
وفي كل الاحوال فان ما بعد انطلاقة الحوار الجدية غير ما قبله ومؤخراً يبدو ان الفريقين المسيحيين المتضررين رئاسياً من الحوار بدآ باطلاق الاشارات التحذيرية لعدم اقصاء المسيحيين عن الرئاسة، وبالتنبيه من حصول توافق سني وشيعي في هذا الموضوع، ومع ذلك يبقى الخوف الحقيقي والهواجس في محلها من تسوية اقليمية ودولية تطيح بكل من جعجع وميشال عون .