ربطت اوساط نيابية في كتلة بارزة ما بين الخلافات السياسية الدائرة على خلفية المناقشة المطولة لمشروع قانون الموازنة العامة والاجندات الخاصة لكل فريق مشارك في الحكومة ويستعد لخوض استحقاقات تكاد تكون مصيرية وحاسمة في المرحلة المقبلة.
وكشفت ان الانقسام الواضح في المقاربات الاقتصادية يحمل في جوهره تبايناً وبكلمة مختصرة، صراعاً حول النفوذ ما بين المحاور الاساسية في السلطة، وذلك من اجل الحصول على اكبر قدر ممكن من النفوذ من خلال المكاسب السياسية والشعبية، التي يسعى كل فريق الى مراكمتها في المرحلة الفاصلة عن المواعيد الدستورية وان كانت هذه المواعيد غير داهمة، على الاقل في المدى المنظور.
وفي هذا الاطار، ادرجت الاوساط النيابية ما حصل من حراك في الشارع منذ بدء مجلس الوزراء بمناقشة مشروع الموازنة، في ضوء محاولات استثمار كل اعتصام او اضراب او تحرك في المواجهة السياسية الدائرة والتي تكتسب مع كل استحقاق طابعاً جديداً. واوضحت ان العناوين المالية والاقتصادية المستخدمة في هذه المواجهة، بقيت في اطار الشعارات والمزايدات، حيث انه وفي الامتار الاخيرة التي سبقت انجاز مشروع الموازنة، برز نقاش من خارج السياق المطروح ادى الى نسف كل الصيغ التي حظيت بالاجماع من قبل كل المكونات الحكومية على الرغم من المعارضة الشعبية.
وقرأت الاوساط في هذه «الانعطافة» كما سمتها، عملية التفاف حول الاجراءات الاصلاحية التي كانت طلبتها الدول المانحة من اجل تقديم قروض ميسرة للبنان بقيمة 11 مليار دولار على مدى 5 سنوات. واضافت ان جولة النقاش الاخيرة التي انطلقت منذ مطلع الاسبوع الحالي، قد كشفت عن صعوبة التعايش والتعاون بين المقاربات والاجندات الخاصة بكل فريق سياس داخلي، بصرف النظر عن كل التحالفات السابقة والحالية كما التسويات والتفاهمات على اكثر من جبهة حزبية وسياسة داخل الحكومة كما داخل مجلس النواب في آن معاً.
وقالت الاوساط النيابية البارزة ان تحول مسار نقاش الموازنة من مسار مؤلم بحق الوزراء والنواب قبل الموظفين في القطاع العام والاسلاك العسكرية، الى فرض رسوم في مجالات متفرقة، قد تسبب بفشل كل المحاولات التي قادتها الحكومة في جلساتها السابقة من اجل الوصول الى موازنة تقشفية والتي ليس من الممكن تحقيقها الا من خلال اللجوء الى بعض الاجراءات والقرارات وفق ما كان محدداً ومرسوماً في مشروع قانون الموازنة منذ اللحظة الاولى، وصولاً الى خلط الاوراق والمقترحات وسط تضارب لافت في المواقف وهمس في الكواليس عن صراعات مرتبطة بالتحالفات السياسية والاستحقاقات المقبلة على الرغم من كل التحديات والمخاطر التي تحيط بالساحة الداخلية جراء الازمة المالية اولاً والتصعيد الاقليمي ثانياً، وترددات النزوح السوري على الاقتصاد المحلي ثالثاً.
ووفق الاوساط النيابية نفسها فان ما خرج الى العلن من تباينات قد عبّر عن بلوغ العلاقات بين بعض المكونات الحكومية مرحلة سيئة وهي ليست المرة الاولى التي تتدهور فيها هذه العلاقات، واكدت ان الخشية من انفجار التضامن الحكومي والاطاحة بالموازنة، هي التي حتمت الاجتماع الوزاري المصغر والطارئ خصوصاً وان مشروع الموازنة قد اشبع درساً، والصيغة النهائية قد انجزت بحسب متطلبات مؤتمر «سيدر»، ولكن الصراع السياسي حول الادوار والمسؤوليات وبشكل خاص توظيف انجاز خفض العجز الى 7.67% من الناتج المحلي قد دفع نحو موازنة بارقام عجز مقبولة ولكن باجراءات اصلاحية دون المستوى وتوقعات الدول المانحة، مع العلم ان الامتحان يبقى في قدرة الحكومة والوزراء على تنفيذ التعهدات والالتزامات.