تصاعد الجدل بشأن تشريع الضرورة وسط
مخاوف من فرز طائفي يعمِّق الانقسامات أكثر
مع تحديد الرئيس نبيه بري موعدا جديدا لاجتماع هيئة الحوار الوطني في 20 نيسان الحالي، والذي تأجّل بفعل وفاة والدة رئيس الحكومة تمام سلام، فإنه من المنتظر أن حدة السجال سترتفع مجدداً في ما يتصل بملف قديم جديد ألا وهو تشريع الضرورة الذي تنقسم الآراء النيابية بشأنه، وسط مخاوف من أن يأخذ الجدال الدائر بشأنه منحى طائفياً في نهاية المطاف، بعدما بدا أن غالبية الكتل المعارضة للسير في هذا الطرح في ظل الفراغ الرئاسي القائم، هي كتل مسيحية، كـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب»، فيما تؤيّد تشريع الضرورة كتل إسلامية، ككتلة «المستقبل» و«التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» و«اللقاء الديموقراطي»، خاصة وأن رئيس مجلس النواب نبيه برّي مدعوماً من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط يرى أنه لا يجوز شلّ عمل المجلس النيابي ووقف عملية التشريع ولو في ظل الفراغ الرئاسي، مشيراً إلى أنه من الضروري تفعيل عمل السلطة التشريعية لمواجهة سلبيات الشغور الرئاسي وكي لا يُصار إلى إعطاء معطّلي الرئاسة الأولى فرصة إضافية لتعطيل المؤسسة التشريعية، في مقابل تمسّك المعارضين بعدم جواز التشريع في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، باعتبار أن مجلس النواب استناداً إلى نص الدستور لا يجتمع إلا لانتخاب رئيس وليس للتشريع.
وتُشير أوساط نيابية بارزة في تيّار «المستقبل» إلى أن وتيرة التساجل بين الكتل النيابية سترتفع في الأيام المقبلة، طالما أن هناك أطرافاً تريد مزيداً من التفعيل في عمل المجلس النيابي، تفادياً لتعميم حالة الشلل على المؤسسة التشريعية، بالتوازي مع الفراغ القائم في مقام الرئاسة الأولى ومراوحة الأداء الحكومي، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى صوابية القبول بعدم جواز تشريع الضرورة، في وقت أحوج ما يكون فيه البلد لتفعيل كافة المؤسسات الدستورية وفي مقدمها السلطة التشريعية، مؤكدة في الوقت نفسه أن الرئيس الحريري ما زال على موقفه وهو أنه لن يحضر جلسات مجلس النواب إلا إذا وضع على جدول أعمالها البند المتعلق بقانون الانتخابات النيابية أو بقية البنود المتعلقة بتكوين السلطة، على أن تكون للهيئة العامة الكلمة الفصل في الموافقة على القانون الانتخابي الذي يحظى بالغالبية النيابية المطلوبة، مشددة على أن هناك تواصلاً بين مكونات 14 آذار بالنسبة إلى هذا الموضوع، سيّما وأن تقرير لجنة التواصل النيابية سيتم عرضه من قبل الرئيس برّي على هيئة الحوار بعد عودتها للاجتماع، لوضع الأطراف أمام مسؤولياتها من موضوع القانون العتيد، تمهيداً لإحالة اقتراحات القوانين أمام الهيئة العامة لمجلس النواب للتوافق على أحدها.
في المقابل، تشترط مصادر نيابية من المعارضين لتشريع الضرورة أن تتضمن أي جلسة نيابية عامة تتم الدعوة إليها وفي طليعة بنود جدول الأعمال، بند قانون الإنتخابات وما يتصل بتكوين السلطة لكي تشارك الكتل المسيحية، باعتبار أن هناك ضرورة قصوى لإقرار قانون عادل ومتوازن للانتخابات النيابية يؤمّن تمثيلاً سليماً للفئات اللبنانية، من دون أن يعني ذلك الموافقة على استمرار الشغور الرئاسي الذي يقترب من دخول سنته الثالثة في 25 أيار المقبل، لا بل أن الأولوية كانت وستبقى لإنهاء الفراغ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية لكي تستعيد المؤسسات دورها وتنتظم الحياة السياسية من خلال تشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات نيابية على أساس القانون العتيد الذي سيتم التوافق عليه، وبالتالي فتح صفحة جديدة بين اللبنانيين وإعادة وصل ما انقطع بين جميع مكوناتهم.
وأشارت المصادر إلى أن الكتل المعارضة لتشريع الضرورة ثابتة على موقفها ولا تعتبره موجهاً ضد أحد، بقدر ما أنه دعوة لعدم التكيّف مع الواقع الراهن وضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يصون وحدة البلد ويحفظ الدستور ويأخذ على عاتقه مهمة إخراج البلد من أزماته وإعادة الاعتبار للمؤسسات وإدارات الدولة التي باتت مشلولة ومعطّلة.