يتخذ الموقف السعودي من لبنان منحى تصاعديا، وهو لن يقتصر على وقف العمل بهبة الثلاثة مليارات، انما سيمتد الى ضغط سياسي بدأت تباشيره مع استقالة الوزير اشرف ريفي، وسط تلميحات عن امتلاك المملكة قرار التوقيت الذي سيطيح حكومة الرئيس تمام سلام ووضع البلاد امام خيارات صعبة.
لا يخفى على شخصية سياسية بارزة من تسـمية «8 آذار»، ان الازمة التي تعاني منها الرياض في ساحات عدة وابرزها سوريا واليمــن، ربما تدفعها لتحويل لبنان الى ساحة لتصفية الحسابات مع جهات اقليمــية ودولية، من خلال ممــارسة الضغط الاقتصادي والسياسي وصولا الى الامني، في محاولة لفرض وقائع سياسية داخلــية، علما انه يمكن الوصول الى تسويات بشأنها من دون محاولة ابراز العضلات.
تقول المصادر نفسها ان لبنان «اعتاد ان ينجز استحقاقاته على الساخن بدلا من انجازها على البارد، ومن يسترجع المحطات البارزة في تاريخ لبنان يجد ان التسويات دائما كانت تأتي عقب ازمات وعواصف امنية». تضيف «ما يتسرّب من معلومات حول عودة من اطلق سراحهم من سجن رومية الى تنظــيم صفوفهم في الشمال، وان المجموعات التي تم تدريبها وتنظيمها قبل العام 2008 يجري تحريكها والتواصل معها مجــددا، ذلك يــشي بعودة الرهان في زاوية ما على تحــريك توترات امنية تتحمل القيادات السياسية المعنية مسؤوليتها سلفا». وتشير الى ان الخشية المبنية على معطيات هي امكانية وصول الضغط الى مرحلة افراغ البلد من كل مؤسساته ووضعه امام واقع مالي واقتصادي خطير، يصبح معه الفرقاء السياسيون امام خيار وحيد وهو الذهاب الى مجلس النواب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون المدخل لاعادة الحياة الى المؤسسات الدستورية.
ويرى المصدر «ان اي مغامرة من نوع تحويل لبنان الى ساحة لتصفية الحسابات، وكشفه عربيا تحت عنوان اعادة النظر بالعلاقات معه، ربما تسقط كل الخطوط الحمراء القائمة بحيث يصبح الممنوع مسموحا، وخصوصا ما يتصل بالوفاق الوطني القائم على دستور الطائف».
توضح المصادر انه «في بداية عهد الطائف كان الكل متفقا على الدور السوري في البلد، وكان موضوع التــوافق سائرا وفق الدستور، وكل ما يحتاج الى اكثرية الثلثين كان هناك توافق، وما دون ذلك يحصل بالتصويت العادي. الامور تعثّرت، لا بل انهارت عند حصول انقلاب بالعلاقة بين لبنان وسوريا، وما يمكن ان يكون جسر توافق تم هدمه».
وتلفت النظر الى «اننا اصبحنا في وضع نحتاج الى توافق على تفصيل التفصيل وهذا غير ممكن، والمخرج والحل المطلوب هو عبر اعادة تركيب توافق استراتيجي في البلد وان نسير بصيغة تطبيق الدستور كما هو وكما كنا في السابق، والا سنستمر في الخلاف على كل شيء، ومسار التعامل السعودي والخليجي مع لبنان سيعقد الامور اكثر».
وتعتبر المصادر ان «المكابرة لم تعد تنفع، وثبت بما لا يقبل الشك وجوب المسارعة الى عملية حوار جدية وفق جدول اعمال مكتوب يتم التفاوض حول بنوده، للاتفاق على سلة التفاهمات، من قانون الانتخاب الى الحكومة وبيانها الوزاري وصولا الى استكمال تنفيذ كامل بنود الطائف والبدء في سد الثغرات التي برزت خلال اكثر من 25 عاما من تطبيقه، ودون ذلك ستصبح الامور اكثر تعقيدا وصعوبة».