أي اتفاق بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي إذا تم رغم الصعوبات التي ما زالت موجودة بالنسبة الى اجراءات المراقبة والتفتيش وبالنسبة الى البحوث ورفع العقوبات ستكون له نتائج أكيدة على منطقة الشرق الاوسط. والادارة الاميركية تقلل من أهمية نتائج هذا الاتفاق على الصعيد الاقليمي عندما تتحدث مع شركائها، وتؤكد ان هذا الاتفاق لا يعني التطبيع الكامل مع إيران وان هناك مشكلات كبرى بينها وبين إيران. ولكن باريس وبعض العواصم الاخرى ترى ان مثل هذا الاتفاق سيؤدي الى وضع جديد وانه ينبغي الاعداد لمرحلة ما بعده، وخصوصا كيفية الحصول على ضمانات إيرانية حول القضايا الامنية في المنطقة ان كان بالنسبة الى العراق ولبنان وسورية واليمن. وان هذا الاتفاق اذا تم يجب ألا يتحول الى مكافأة لإيران وان لا يسمح لإيران ان تستمر بسياساتها من دون مساءلة. وبالتأكيد اذا تم هذا الاتفاق سيتبعه نوع من التطبيع وازالة التوتر، ولكن هذا يجب الا يكون مقابل التسامح مع إيران لتستمر بما تقوم به من دون أي مساءلة. وهذا هو موقف باريس وبعض الدول التي تدرك خطورة ما تقوم به إيران في كل من سورية ولبنان والعراق واليمن.
ولكن أولوية أوباما اليوم هي التوصل الى اتفاق مع إيران كما حصل مع كوبا لكي يترك اوباما اثراً في سياسته الخارجية انه حقق عودة التطبيع مع ايران. وهذا وحده سيكون بمثابة مكافأة لإيران. فالادارة الاميركية ليس في إمكانها حالياً ان تغيّر سياسة إيران في المنطقة لأن أوباما ليس مهتماً لا بالوضع في سورية ولا في لبنان وهو لا يوافق على تسليم امن العراق وحربه ضد «داعش» لإيران، وربما لاحقاً قد يرى انه اذا تم التطبيع مع إيران قد يكون أفضل للأميركيين ان تخوض إيران الحرب في سورية ضد «داعش» اي ان يسلّم ايضاً سورية لإيران وهو في كل الاحوال ما يحدث حالياً على الارض في سورية حيث القوات الإيرانية و»حزب الله» تخوض حرب انقاذ النظام كما ان محاربة «داعش» اصبحت اولوية اميركية.
ان مما لا شك فيه ان التطبيع الاميركي – الإيراني المحتمل قد يغيّر الكثير من الاوضاع في الشرق الاوسط. واللقاءات المتعددة التي أُجريت في الرياض أخيراً بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقادة عدد من الدول بالغة الاهمية في وجه التحديات القادمة، اذ ان السعودية تقوم بالتنسيق مع القوى الكبرى في المنطقة مثل مصر وتركيا وتبذل مساعي لرأب الصدع بين الدولتين وبين قطر ومصر لأن هناك حاجة الى وحدة الدول الكبرى السنّية للتصدي للمزيد من التلاعب باستقرار المنطقة من قبل «الحرس الثوري» الايراني الذي يخوض الحروب في سورية والعراق واليمن ويعتمد على حليفه «حزب الله» للهيمنة والتعطيل في لبنان.
ورغم ان من السابق لأوانه التأكد من ان الدول الست ستصل الى اتفاق مع إيران قبل حزيران (يونيو) المقبل حول الملف النووي لأن الصعوبات ما زالت عديدة رغم بعض التقدم، لكن هناك مخاوف حقيقية من ان يتحول هذا الاتفاق إذا تم فعلاً الى صفقة أميركية – إيرانية تمثل وضعاً جديداً في الشرق الاوسط يتركه باراك حسين أوباما المعروف بميوله لإيران وثقافة الفرس. فالمطلوب ألا يكون التطبيع الأميركي – الإيراني مقابل الموافقة على عودة التوسع الفارسي الى المنطقة العربية.