انسداد الحلول يطلق مرحلة تعميم التعطيل
مخاوف من تراكم أسباب القلق.. والتفجير
«لن يكون الاسبوع المقبل اسبوعا جديدا فقط، انما بداية مرحلة جديدة». هذا ما تجزم به اوساط في «التيار الوطني الحر» لاعتبارات تبدأ بتظاهرة الغد المرتقبة، ولا تنتهي بإحالة العميد شامل روكز الى التقاعد.
تكرر اوساط في تيار «المستقبل» العبارة نفسها تقريبا «نحن مقبلون على تغيير مقلق في الفترة المقبلة». وهو ما تؤكده اوساط كتائبية تحذّر من «فترة حرجة تنتظرنا بعد تراكم بوادر انسداد الافق».
القلق على الغد بات من سمات الداخل والخارج، وان كان الاثنان: الطبقة السياسية في الداخل والمسؤولون الدوليون، لا يبادرون الى اي فعل لمعالجة المشاكل واحتوائها. التخوف من الاسابيع المقبلة له ما يبرره. فالتسوية السياسية التي طال انتظارها دفنت، على رغم اصرار بعض القوى السياسية على التلميح الى أن «الدفن لم يتم والمريض في حالة كوما. بالتالي طالما هناك مساع ومحاولات علاج.. هنالك أمل».
وفي غياب التسوية وبوادر الحلول، يحضر الشارع بكل ثقل مطالبه المحقة وبعض سلوكياته المقلقة. فبين الامن والاستقرار والتفلت والفوضى، خيط واه يسهل بيسر تجاوزه في لبنان. فالناس تعيش احتقانا على كل المستويات السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية. وتحت كل عنوان عشرات التفاصيل المحبطة والدافعة الى العنف. فكيف اذا اجتمع كل ذلك تحت مظلات شحن طائفي عن طائفة مستهدفة واخرى مهمشة وثالثة مغيّبة ورابعة تقود حروبا مقدسة وخامسة تدافع عن الامة… والى ما هنالك من صفات تقترن بالـ 18 طائفة موجودة؟
يحصل كل ذلك، والحوار مُرحّل . وأيام الفراغ في رئاسة الجمهورية تجاوزت الخمسمئة. فيما الرئيس تمام سلام كان واضحا في تأكيد المؤكد: «لا أحد في العالم مهتم لامرنا او يضعنا في جدول اولوياته واهتماماته». وحين اراد الرئيس المصري ان يبدي اهتمامه بلبنان لم يجد سوى النصح يسديه له «خدوا بالكم من لبنان».
على ضوء هذه المعطيات يعتبر مصدر وزاري حزبي أننا «منذ زمن غير قصير ونحن نلعب على حافة الهاوية. لكن المرحلة اليوم لم تعد تسمح باللعب، فكيف على مشارف المهاوي؟ تفترض المرحلة وعيا وعملا استثنائيا، لكن دون ذلك عقبة وحيدة بسيطة: غياب السلطة والمسؤولين في البلد. فهل من المعقول أن يصبح التعطيل معمما؟ وهل نعيش في دولة ام في جزر؟».
طالما الوزير يسأل ويشكو تعذّر ايجاد الاجوبة. فتبادل الاتهامات في تحميل المسؤوليات يشمل كل الطبقة السياسية. كل فريق يتهم الآخر بالتعطيل وشلّ البلد واعاقة عجلة مؤسساته من التحرك، حتى في ابسط الشؤون اليومية.
يعلّق أحد الاساقفة الموارنة على الاتهامات المتبادلة بالتأكيد مبتسما «لمرة جميع السياسيين يقولون الحقيقة. فجميعهم من دون استثناء مسؤولون عما وصلت اليه الامور. بالشراكة او التواطؤ او لحسابات حزبية او طائفية او منفعية. بالاهمال والفساد والسكوت عن فضيحة او المبالغة في التشهير بحسب الجهة اكانت حليفة او خصمة». يقول الاسقف كلاما كثيرا عن مجمل هذه الطبقة مصرا على التعميم. وباستيضاحه أن «سياسيين مسيحيين كثرا ينزعجون من التعميم ويعتبرون أن الكنيسة باعتمادها هذا الاسلوب تتهرب من تسمية المعرقلين والفاسدين والظالمين بالاسماء، في محاولة منها للابقاء على المسافة نفسها مع الجميع، ولو كانت ترى الخطأ في سلوك فريق اكثر من فريق آخر». يجيب الاسقف «ان آباء الكنيسة ما اعتادوا الا أن يسموا الامور باسمائها. لكننا لا نشهّر بأحد. نحن نخاطب ضمائر السياسيين ونقول هذا هو السلوك الصح فاعتمدوه. لكننا مقتنعون أن كل الطبقة السياسية تتحمل مسؤولية ما وصلت اليه الامور».
برأي الأسقف أنه «من لم تكن يداه ملوثتين عمليا بالفساد او التحريض او التقصير في القيام بواجباته، فانه نظريا يتحمل مسؤولية ضميرية واخلاقية بحكم موقعه السياسي، سواء في الحكومة او المجلس النيابي او الحزبي. ولكن عوض ان يتحملوا مسؤولياتهم نجدهم يغرقون اكثر في الانقسامات ويجرون البلد الى مخاطر مقلقة، وهو ما نتخوف منه».