IMLebanon

مخاوف من الاعتماد على نفط الشرق الأوسط

هل أصبح الاعتماد على نفط الشرق الأوسط فزاعة للعالم؟ مدير وكالة الطاقة الدولية فتحي بيرول حذر أخيراً من أن انخفاض أسعار النفط سيدفع إلى الاعتماد على نفط الشرق الأوسط وتقليص جهود الدول للحد من الطلب على النفط. هذا التحذير لم نسمعه عندما أغرقت الولايات المتحدة سوقها الداخلي وهو أكبر مستهلك للنفط بإنتاج النفط الصخري الذي ساهم في شكل كبير في تخفيض الأسعار. والاعتماد على نفط الشرق الأوسط هو منذ عقود. ورأينا مستويات الطلب على النفط تنخفض وتصعد، بناء على النمو الاقتصادي في الدول. فالصين شهدت في السنوات الثلاث الأخيرة تراجعاً في ارتفاع الطلب، نتيجة الركود الاقتصادي والتغيير في بنية صناعاتها. وفي الولايات المتحدة، لم يتغير استهلاك الطاقة خلال السنوات العشر الأخيرة، لكنه تحول إلى الغاز الصخري. والطلب على النفط ليس مرتبطاً فقط بأسعاره. وتقرير شركة «انيرداتا» للطاقة يظهر أن العامل الأساس في تحول الترابط بين النمو الاقتصادي واستهلاك الطاقة ليس السعر، إنما التكنولوجيا. والمخاوف من أن الاعتماد على نفط الشرق الأوسط سيدفع إلى المزيد من الاستهلاك غير مقنعة. فعندما كان سعر برميل النفط مئة دولار، رأينا أن مصدراً كبيراً مثل السعودية لم يقلص من إنتاجه كون الطلب على نفطه بقي قوياً. فالسعودية أنتجت أكثر من ١٠ ملايين برميل في اليوم في فترة أسعار مرتفعة ومنخفضة، لأنه كان هناك طلب على نفطها. ولم نسمع مثل هذا التحذير بالنسبة إلى الاستهلاك الأميركي الداخلي من الغاز والنفط الصخري عندما أغرقت السوق الأميركية بالإنتاج الصخري. وأميركا أكبر مستهلك للنفط في العالم.

أما مخاوف مساعد وزير الخارجية الهندي ناراندرا تانيجا التي عبر عنها أمام كبار نفطيي العالم في احتفال الدوحة لتسليم جائزة مؤسسة عبدالله حمد العطية لدراسات الطاقة لوزير النفط السعودي السابق علي النعيمي، فكانت من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في الشرق الأوسط. فقال «دعوني أكون صادقاً معكم فنحن منزعجون من الاضطرابات في الشرق الأوسط، مما جعلنا ننوع مصادر إمداداتنا من النفط والغاز من مناطق أخرى مثل أفريقيا وأستراليا وحتى أماكن بعيدة مثل أميركا اللاتينية والولايات المتحدة وكنت أتمنى أن لا نفعل ذلك، فعلينا أن نضمن شرقاً أوسط في سلام، ونحن المستهلكون معكم ووراءكم في ذلك.»

صراحة المسوؤل الهندي كانت ملفتة علماً أن حروب الشرق الأوسط لم تؤدِ إلى انقطاع في الإمدادات. ولكن السبب أن السعودية وهي أكبر منتج نفطي كانت دائماً وفي أحلك الحالات تزود أسواق النفط وتحافظ على استقرار السوق. لقد شهدنا ذلك خلال اجتياح العراق للكويت، وفي حربي الخليج الأولى والثانية. ولكن الصحيح أن الذين كانوا يأخذون نفطهم من العراق أو ليبيا تأثروا بالحروب والعقوبات والأوضاع الأمنية المتدهورة. إن مخاوف بلد كبير مثل الهند مشروعة من اضطرابات الشرق الأوسط. لكن تنويع مصادرها من الطاقة مفهوم نتيجة استهلاكها الضخم من الطاقة وخوفها من نقص معين قد يؤثر في اقتصادها.

والفرق بين تحذير وكالة الطاقة الدولية وصراحة المسؤول الهندي أن وكالة الطاقة تستخدم الاعتماد على نفط الشرق الأوسط كفزاعة، في حين أن المسؤول الهندي يشرح بصراحة تحول سياسة بلده في استيراد الطاقة. فالابتعاد من اضطرابات الشرق الأوسط أمر مفهوم لمصالح بلد مثل الهند. وصحيح أن الاعتماد على نفط الشرق الأوسط فيه بعض الأخطار لعدد من الدول، لكن ربط الاعتماد على نفط الشرق الأوسط بالحد من جهود تقليص الاستهلاك، غير مقنع.