Site icon IMLebanon

مخاوف من تشظي الانتخابات وتحول الحكومة إلى تصريف أعمال

مخاوف من تشظي الانتخابات وتحول الحكومة إلى تصريف أعمال

غياب «شيخ الصلح» يُنذِر باتساع رقعة الإشتباك حول «مرسوم الأقدمية»

 

بري: فلنذهب إلى الانتخابات النيابية  وكفى «أخذ وعطى» بالقانون الجديد

يبدو ان المثل القائل «اشتدي يا أزمة تنفرجي» لا تنطبق مواصفاته على أزمة مرسوم الاقدمية المشتعلة على خط قصر بعبدا – عين التينة، التي تنذر باتساع مروحتها لتطال جوانب أخرى على المستوى السياسي والمؤسساتي، في ظل انكفاء سعاة الخير عن القيام بأي مسعى توافقي، بعد ان شعروا ان كل الأبواب موصدة، وان تحقيق أي خرق في جدار الأزمة يبدو مستحيلاً، حتى ان الآمال التي كانت معلقة على إمكانية دخول رئيس الحكومة سعد الحريري على خط الوساطة تلاشت مع إعلان أوساط «بيت الوسط» ان لا وساطة، وأن جل ما يحصل هو جهود لاحتواء السجال.

وفي ظل غياب «شيخ الصلح» فإن أزمة «المرسوم باقية على حالها»، وان هناك من بدأ يقول بأن هذه الأزمة قد تطول إلى حين الانتخابات النيابية، وان الحكومة ربما تتحوّل مع استمرار الاشتباك الرئاسي إلى حكومة تصريف أعمال يقتصر عملها على جدول أعمال عادي، لا يتضمن أي ملفات كبرى تحتاج إلى تفاهم سياسي حولها.

وكان الرئيس نبيه برّي واضحاً في دردشته مع زواره بأن الأمور لن تصلح ما لم تتم العودة إلى الدستور، وهو أكّد اننا «حكينا ما علينا ان نحكيه، والكرة ليست في ملعبنا، بل في ملعب الآخرين، هناك كتاب اسمه الدستور على الجميع العودة إليه للاحتكام في أي أزمة سياسية تحصل»، وقد سبق كلام رئيس المجلس تسريبات لأوساط بعبدا مفادها بأن الرئيس عون يرفض التسويات أو المخارج خلافاً لتلك التي طرحها والقاضية بلجوء المتضررين الى القضاء المختص أو مجلس شورى الدولة، وبذلك يكون رئيس الجمهورية قد اقفل الباب امام أي مسعى لاحتواء الأزمة، لا بل إنه فتح هذه الأزمة على مصراعيها وعلى احتمالات كثيرة. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما دام المعنيان بهذه الأزمة قد وصل كل واحد منهما إلى الدرجة الأخيرة من السلم ويرفض التراجع ولو درجة واحدة، فماذا يمكن فعله لتدارك انفلات الوضع السياسي من عقاله، ونعود مجدداً إلى آتون الشلل المؤسساتي؟ حتى هذه اللحظة لا يملك أي فريق سياسي إعطاء جواب واضح على هذا السؤال، وإن كان هناك شبه إجماع على وصف الوضع السياسي الحالي بالخطير جداً، وأن إمكانية انسحاب هذا الاشتباك على باقي المؤسسات يبقى امراً وارداً وهو ما يبعث على الخوف في ظل التطورات التي تحصل في المنطقة، والتي تحتم على لبنان ان يكون وضعه الداخلي مستقراً لكي يتمكن من مواجهة ما هو آت من رياح عاتية ربما تعصف بالمنطقة قبل نضوج التسوية التي تنسج في المطابخ الإقليمية والدولية.

وفي هذا السياق، كان لافتاً ما أشار إليه وزير العدل السابق إبراهيم نجار لجهة وصفه ما يصدر بمرسوم، سبق ان رفض بقانون، بالسابقة الخطيرة، وهو رأى ان القول بالتوجه إلى القضاء في ما خص مرسوم الاقدمية ملغوم، ويحمل التباساً شديداً، فالجهة التي يحق لها الطعن امام القضاء، في رأيه، هي إما ضباط متضررون الآن، أو في المستقبل، تكون لهم مصلحة وصفة للطعن بالقرار، أو وزير المالية الذي يجوز له الطعن بعمل إداري تجريه سلطة إدارية أخرى، ولكن هذا الأمر لا يحصل في لبنان كون القضية سياسية، معتبراً ان الحل الأنسب يكون بإعادة المرسوم إلى وزير المال لتوقيعه، إذ ليس هناك من موانع قانونية ولا تراتبية في التواقيع.

هذا الموقف لنجار، ليس هو الوحيد الذي يصب في خانة ما يطالب به الرئيس برّي. فهناك الكثير من الدستوريين وأهل القانون يؤيدون هذا المنحى، حتى ان هناك وزراء ونواباً قريبين من عون يقرّون بما أتى على ذكره الوزير السابق نجار، من دون ان تكون لديهم الجرأة في الإجهار برأيهم لاعتبارات سياسية.

كل هذه المعطيات تؤكد على أننا ذاهبون إلى مزيد من التأزم السياسي، وان الاشتباك حول مرسوم الاقدمية ستتسع رقعته لتشمل بعض النواحي السياسية وفي مقدمها الانتخابات النيابية، حيث بدأ الخلاف يدب بين القوى السياسية بين مطالب بإجراء التعديلات، وبين رافض لهذا الطلب، وقد برز امس موقف تضمّن نوعاً من الترهيب السياسي جاء على لسان الوزير جبران باسيل الذي قال: «نحن مجبرون على ان نعدّل القانون مهما حصل»، معتبرا ان عدم حصول ذلك يعد ضربة قوية للعملية الديمقراطية التي تحصل وسنواجهها، وفهم ان هناك ما يقارب الـ11 تعديلاً يطالب بهم تكتل التغيير والإصلاح. هذا الموقف لوزير الخارجية ستكون له حكماً ارتداداته السلبية على الواقع الانتخابي، بحيث ان فتح الباب على أي تعديل سيطيح بالقانون بالكامل، حيث سيفتح شهية القوى السياسية على المطالبة بتعديلات تتوافق وواقعها السياسي والانتخابي، وهذا حكماً سيؤدي إلى نشوب أزمة جديدة تضع الانتخابات المقبلة في مهب الريح. وقد سئل الرئيس برّي من قبل زواره عن موقفه مما يُطرح من تعديلات فاكتفى بالقول: ان أي تعديل سيهدد قانون الانتخاب، فلنذهب إلى الانتخابات وكفى أخذ وعطى بهذا الأمر. هذا التفاوت في المواقف يؤشر إلى بروز أزمة جديدة في ما خص قانون الانتخاب في ظل أزمة مرسوم مفتوحة على مصراعيها، وهذا ان حصل سيدخل البلد في ازمة سياسية، قل نظيرها في لبنان، منذ الطائف وحتى هذه الساعة.