Site icon IMLebanon

ملامح شبهة ضوء في الليل العربي الطويل!

 

قبل أن نغطس في البركة اللبنانية العكرة والملوثة مثل مياه الليطاني وبحيرة القرعون! لنتأمل قليلا في ما يجري حولنا تحت سقف العالم، والبداية من الولايات المتحدة الأميركية، وصولا الى البيت العربي المشلع بمنازل كثيرة، والى المنطقة الملتهبة بصراعاتها منذ الأزل والى الأبد، والمعروفة بمنطقة الشرق الأوسط بحسب التسمية الغربية على الخرائط الاستعمارية…

ظاهر المشكلة واحد: دول تملك امكانات كبيرة على رأسها قادة بعقول صغيرة. الرئيس دونالد ترامب الذي وصل الى البيت الأبيض ك فلتة شوط في انتخابات الرئاسة الأميركية، لم يثبت أهليته للقيادة لا في نظر السياسيين الأميركيين المحنّكين والمخضرمين، ولا في نظر غالبية من الأميركيين، بدليل انه فاز بأصوات غالبية الولايات بحسب النظام الأميركي، بينما كانت غالبية أصوات الناخبين في صالح منافسته هيلاري كلينتون! وتعاني الولايات المتحدة اليوم مشكلة شبيهة بمشكلة استقالة الحريري في لبنان! صهر الرئيس زوج ابنته الذي تصدر المشهد جاريد كوشنير، لعب دورا خفيا من وراء ظهر وزارة الخارجية الأميركية ووزيرها تيلرسون وأثار غضبه! هنا لم يحدث تريث كما حصل في لبنان، وصدر الأمر الرئاسي الأميركي بإبعاد الصهر وزوجته ايفانكا عن البيت الأبيض!

 

القارة العربية التي تمتلك امكانات هائلة، لو أتيح لها اختيار نظام حكم يشبه نظام الولايات المتحدة الأميركية، أو الاتحاد الروسي، أو حتى الاتحاد الأوروبي، لكانت اليوم قوة عظمى يهابها العالم، ولكان لها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي بين الدول الخمس دائمة العضوية، أو ربما مقعد سادس! ولكن الحالة اليوم هي على ما يراه الجميع، وتنتشر الحرائق في أرجائها، وتتآكل مواردها، ويتلاشى رباطها القومي، وتضيع مفاهيمها وقيمها، ويتحوّل الشقيق الى عدو، والعدو الى حليف وصديق! وخطيئة الأنظمة العربية في غالبيتها هي قلّة ثقتها بذاتها وبشعوبها وبأمتها، وتوهمها بأن حصانتها مستمدة من تحالفها مع أقوياء العالم في الخارج، وليست نابعة من ذاتها. وعندما تسود مثل هذه المفاهيم لدى الدول ضائعة الهوية والوعي، فانها تتحوّل الى دمى تحركها القوى العظمى الممسكة بخيوط لعبة الأمم! وبدأ يلوح اليوم في الأفق المظلم لأمة العرب نذير استعداد تلك القوى العظمى المتجبّرة، لاطلاق رصاصة الاجهاز – لا رصاصة الرحمة – على النظام العربي برمته!

 

في هزيع هذا الليل الطويل بدأت تلوح ملامح خيوط تحمل شبهة ضوء في الأفق العربي، تحمل في طيّاتها بداية ادراك لاجراء شيء من المراجعة للحسابات تحت وطء الهزائم والانكسارات والخسائر الفاحشة، وليس بدافع يقظة العقل والضمير والتي ربما تأتي لاحقا! وقدم لبنان نموذجا للدولة الصغيرة الهشّة والضعيفة في امكاناتها، والقادرة على تجاوز الأزمات والصعاب والصدمات، اذا ما توفّرت لها قيادة كبيرة في عقلها وحكمتها وصلابتها ووضوح رؤاها. ولعلها بشرى خيّرة، انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في القريب العاجل بكامل أعضائه، بما يتيح تجاوز الخلافات بين الأشقاء في هذا الجزء العزيز من العالم العربي، وربما يمهّد للخطوط الأولى على طريق انهاء الشقاق والحروب من المحيط الى الخليج، ومن ليبيا الى اليمن!