انضم الرئيس سعد الحريري الى القيادات الداعمة للعملية الاستباقية التي نفذها الجيش في مخيمين للنازحين السوريين في البقاع، في ذات الوقت ردّ على دعوة السيد حسن نصرالله لفتح الحدود أمام المجاهدين لمواجهة أي عدوان اسرائيلي، من دون تسميات، معتبرا انه لا يعبّر عن موقف الدولة.
وبذلك، يكون استجاب الى موجب تحمّل المسؤولية السياسية، بالنسبة الى العملية العسكرية وأجاب في الوقت ذاته على تساؤلات المتسائلين عن موقف الحكومة من الدعوة الى فتح حدود لبنان أمام المسلحين من كل الأصقاع…
هذا المنهج معتمد من جانب العهد وحكومته في المواقف الخلافية، التي تبقى خارج جدول أعمال مجلس الوزراء، حيث يستطيع أي كان الرد على أي كان. أما داخل القاعة فالتضامن الوزاري، هو الضامن الأساسي للاستقرار الذي يعيشه لبنان الآن، الى جانب بعض المعطيات الخارجية.
أما في مجلس الوزراء، فيبدو المنهج المعتمد يقوم على مبدأ: اذا لم تستطع شيئا فدعه… وجاوزه الى ما تستطيع…
البعض يعتقد ان هذا المسار يقود الى تراكم المسائل، لا حلّها. فالتأجيل، يجمد المشكلات ولا يعالجها، لكن الحسابات السياسية لا تخضع للكلكيلايتر، إذ قد توجب عليك التسليم بأن واحد واحد يساوي ١١ وليس اثنين!
الى ذلك، ترى أوساط قريبة من أجواء الحكومة تبريرا لسياسة التريث والانتظار. ان السياسة هي علم الربح بلا رأسمال، وفي السياسة يجب أن تبقي خصمك قريبا منك، وتحت مسمعك وبصرك، ترصده أو تتقرّب منه، فالخصومة لا تطرد الخصومة، بل المحبة تفعل… والدليل حالات التقارب الانتخابي بين خصوم الأمس، ممن جمعتهم القاعة الوزارية، فالقوات اللبنانية على أبواب التحالف الانتخابي مع المردة في الشمال، والتيار الوطني الحر، في شهر عسل انتخابي مع تيار المستقبل، الذي ابتعد كثيرا عن حليفه التاريخي وليد جنبلاط، وما زالت المسافة الفاصلة واسعة، بينهما رغم وساطة الرئيس نبيه بري، لكن ثمة رسائل صغيرة بدأت تتطاير من جانب المستقبل، وردود عليها من جانب التقدمي الاشتراكي، ومثالا، دعوة الاشتراكي الى الاحتفال الذي رعاه الوزير جبران باسيل في المعمل الحراري في الجية أمس بمناسبة تدشين مجموعة جديدة، وكان اللافت قبول الدعوة، وهذا ما لم يحصل في غير مناسبات.
هذه التحالفات المبدئية، يمكن ان تنعكس خيرا على جلسات الحكومة ومجلس النواب، في حال العشرة الأوائل الذين وقّعوا وثيقة بعبدا، الى التفاهم على خطة الكهرباء، وحدود الصلاحية الخاصة بالوزير، ازاء صلاحيات هيئة المناقصات، والمشهد عينه مطلوب في مجلس النواب، حيث ما زال الشدّ بحبل الأولويات يعرقل تمرير الموازنة العامة بسلسلة رواتب، أو بدونها، وبقطع حساب أو من دون قطع حساب. فاذا تعثرت خطة الكهرباء أكثر، تبطل الحاجة الملحة للبواخر، مع بدء نفاذ فصل الصيف، ومع استمرار الخلاف بين رئاسة المجلس ورئاسة التيار الوطني الحر على أولويات الجلسة التشريعية: الموازنة أولا كما يريد التيار، أم السلسلة أولا كما يفضّل الرئيس بري، فمعنى ذلك لا موازنة توازن ولا سلسلة تفرج كربة الموظفين…