IMLebanon

١٤ شباط  وحدت ١٤ آذار

تراب قبر الشهيد يبقى رطباً، تنمو فيه روح الخلود وتزدهر، عبراً وذكريات، محفورة في اللعقل، مزروعة في الوجدان، متخطية دورة الفصول وأحكام الظروف ومرور الأزمان…

ان ما كان بين اركان ١٤ آذار قبل صباح أمس الأحد، لم يعد بمجرد الاعلان عن وصول سعد الحريري الى بيروت، عودة العود المفاجئة، فاجأت الكثيرين، وسرعان ما حل العزم على التلاقي محل التردد، ودبت الحياة في بيت الوسط مرة أخرى، قبل وصول الحشد العظيم الى قاعة بيال.

انها روح الشهيد رفيق الحريري، التي اعادت تجميع من فرقتهم تفاصيل اليوميات السياسية، فالدكتور سمير جعجع قرر الحضور بعدما كان كلف زوجته ستريدا تمثيله، والوزير أشرف ريفي كان في طليعة من أكدوا الحضور، بخلاف ما توقعه بعض المغرضين، وكانت دعوة الحريري للدكتور فارس سعيد ان يبدأ التحرك، في عملية نقد للذات والتجربة وما تخللها، تصحيحاً للمسار مسك ختام خطابه، في الجانب الخاص بفريق ١٤ آذار، اما باقي الخطاب بجوانبه الرئاسية والاقليمية فقد كان تأكيدا للمؤكد، انما بلهجة أشد وصراحة أكبر…

وكما اشار في حديثه عن ١٤ آذار، بأن هذه القوى، ما زالت حاجة وضرورة، فإن تأكيده على لبنانية الاستحقاق الرئاسي وعلى عروبة لبنان، على رأس السطح، وبأنه لن يكون ولاية ايرانية، وصولاً الى مناشدته عقلاء الطائفة الشيعية تعطيل اللغم المزروع في حقل العيش المشترك، ووقف التحامل على العربية السعودية والدول الخليجية، التي رفض الشيخ محمد يزبك بالأمس تحويل لبنان مزرعة لها، يرسم خريطة طريق التفاهم المطلوب مع حزب الله، اذا كان لهذا التفاهم الذي هو عين القصد، في حوارات عين التينة الثنائية.

رئيس الحكومة تمام سلام الذي عاد الى بيروت آتياً من ميونيخ بعد انتهاء احتفال بيال، أشاد بالخطاب وبالمناسبة، والنائب وليد جنبلاط وصفه بالممتاز، وكان هناك شبه اجماع على كونه حريري الملمس، خشن المضمون، فيه الكثير من المفاصل الحاسمة، والزوايا المدورة. لكن يبقى أهم ما فيه احاطته الشاملة بمتطلبات المرحلة اللبنانية وصراحته في تناولها، رغم تجنّبه التعرّض للتباينات السياسية، داخل صفّ المستقبل، وهو ما يبدو أكثر حاجة للفحص والمعالجة.

ويبقى الجواب المنتظر من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً الثلاثاء، في ذكرى الشهداء القادة، لقد طرح الحريري في خطابه العديد من الأسئلة، ولو بغير صيغة السؤال، حول الفراغ الرئاسي المستمر من خلال فرض المرشح الواحد، وعن ترهيب السلاح، بمقابل ترهيب التطرّف، وحول أحكام المحكمة العسكرية الزائفة التي قصد بها ملف ميشال سماحة، وما قبله وما بعده، والذي كان موضع الصدع مع الوزير أشرف ريفي.

والسؤال الأكبر، عن القتال في الأماكن الخاطئة، وتحت الشعارات الخاطئة؟ والى متى يستمر تدفيع لبنان ثمن الارتجال السياسي والاستقواء العسكري؟

بعض الأوساط تستبعد ان يحمل خطاب السيد نصرالله، ما ينم عن تغيير في مجرى رياح الحزب، بمقياس المناخ الاقليمي الراهن، والمصحوب بالحملة الهجومية للتحالف العربي على المحاور المضادة في سوريا واليمن، لكن المأمول والمرتجى أن يسمع اللبنانيون جديداً حول الاستحقاق الرئاسي الذي هو ضرورة الضرورات بالنسبة اليهم، باعتبار ان ما هو خارج الحدود، خارج الارادة الذاتية، والمستقبل يؤكد انه مستمر في مدّ اليد وفي ملاقاة الخصوم في منتصف الطريق، وإلاّ ستظل ذكرى ١٤ شباط المناسبة التي أدمت قلوب اللبنانيين، وكسرت تطلعاتهم للمستقبل، محطة للحزن والتذكير.