لن تكون ذكرى 14 شباط عادية هذا العام، إذ انها تترافق مع مشهد سياسي داخلي خرجت فيه كل الأطراف عن «تقليد» 14 شباط المعروف، بعدما انقلبت التحالفات وفرطت جبهتي 14 و 8 آذار، وتشكّلت لوحة سياسية جديدة ليس أقلّ ما يقال فيها انها خاضعة لتجاذبات سياسية رهينة الظروف الداخلية والإقليمية.
ومن هنا، لم يعد خافياً، كما تؤكد أوساط نيابية تدور في فلك قوى 14 آذار، أن أركان هذا المحور قد افترقوا وبدأوا ينسجون اتفاقات مع أطراف في المحور المقابل، مما أدّى إلى انقلاب لافت في موازين القوى دفع نحو خيارات سياسية جديدة، ولو أنها أتت على حساب كل الخيارات المسجّلة منذ 14 آذار 2005. وعليه، تؤكد الأوساط نفسها، أنه ليس من الوارد اليوم العودة إلى خيارات قديمة، وذلك على الرغم من تكرار مفردات خطاب 14 آذار من قبل بعض القوى السياسية، مع العلم أن الخطاب يبقى مجرّد شعار، بينما الأمر الواقع يعكس خروجاً عن كل مبادئ وتحالفات ما كان يسمى ب14 آذار.
لكن الأوساط عينها، توقّفت عند الذكرى ال 14 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، معتبرة أن تيار «المستقبل» الذي يحمل راية هذه الذكرى سيوجّه رسائل عدة باتجاه حلفاء الأمس وخصوم اليوم، وفي مقدّمها التأكيد على رمزية هذه الذكرى، وعلى أهمية الإستمرار في احترام ثوابت وعناوين هذه الذكرى، بصرف النظر عن الجبهة السياسية التي تكوّنت بعد 14 آذار، والتي تعرّضت لعواصف واهتزازات جراء ما مرّت به الساحة الداخلية من تجارب وتحدّيات جمّة على مدى الأعوام الماضية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرسالة الثانية التي سيحرص على توجيهها الرئيس سعد الحريري في الذكرى اليوم، ستتمحور حول دور الرئيس الشهيد في البناء والإصلاح وتحقيق الإنجازات والتفاؤل بالمستقبل رغم كل الصعوبات، وبالتالي التمسّك بالأمل في إمكان خروج لبنان من نفق الأزمات الذي ما زال عالقاً فيه منذ سنوات من دون أن تلوح في الأفق أي ملامح تفاؤل، باستثناء ما تحقّق في الآونة الأخيرة من توافق وتشكيل لحكومة «إلى العمل» التي تضع هدفاً رئيسياً لها، وهو حماية لبنان وإعادة إنمائه وإعماره، والإنتقال من الأزمات إلى الحلول والإنجازات.
ومن هنا، فإن الأوساط النيابية نفسها، توقّعت أن تحمل ذكرى 14 شباط المزيد من الزخم على صعيد إعادة إطلاق التكتلات السياسية، تحت عنوان التعاون من أجل بناء الدولة ما بين كل المكوّنات السياسية، بعيداً عن كل الإصطفافات السابقة، ذلك أن التقاطعات والتفاهمات الحالية قد نسفت أي انقسامات عمودية على الساحة السياسية الداخلية، كما رسمت معادلات جديدة محورها أولاً ربط النزاع مع فريق 8 آذار، وسحب فتيل كل العناوين الخلافية ثانياً، والتعاون من أجل تحقيق مصلحة البلد ثالثاً، والوقوف في وجه التحدّيات الخارجية الآتية من الساحات الإقليمية المتفجّرة والمشتعلة رابعاً.
وختمت الأوساط النيابية ذاتها، مؤكدة أن قوى الرابع عشر من آذار لم تعد ضمن تموضع سياسي معيّن، ولكن ثوابتها مستمرة ولم تتبدّل، ولا تزال في أفضل حال، بصرف النظر عن كل الحملات التي تعرّضت وتتعرّض لها باستمرار.