استعادة مؤلمة لمسارات التعطيل ومحاولات الهيمنة
تفتح ذكرى اغتيال الرئيس الشهيدرفيق الحريري التاسعة عشر، جروح اللبنانيين على اكبر جريمة ارهابية ارتكبت، لاستباحة لبنان لبنان من بعده، ومصادرة قراره ومقدراته، لحساب المصالح الايرانية بالمنطقة، على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية العليا ومصالح اللبنانيين عموما.
بعد جريمة اغتيال النكراء هذه، استكمل مسلسل الجرائم باستهداف رموز سياسية ووطنية وفكرية بارزة، لتفريغ لبنان من الركائز الاساسية، التي كانت تشكل مع الحريري خط الدفاع الاول عن لبنان، وتقف حائلا بمواجهة
كل الخطط والمحاولات المشبوهة، لوضع اليد عليه، والحاقه قسرا، بمشروع الهيمنة الايراني، الذي يهدف إلى السيطرة وبسط النفوذ، تمهيدا لوضع اليد عليه، واستباحة سيادته واراضيه، في سياسة المقايضات والصفقات الايرانية مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تحديدا.
استكملت جريمة اغتيال الحريري، بالزج بلبنان في حرب تموز الكارثية عام٢٠٠٦، التي كلفت لبنان مئات الضحايا والجرحى وخسائر فادحة بالممتلكات الخاصة والعامة والاقتصاد الوطني، وبعدها انقضّ الحزب على السلطة بسلاح «مقاومة إسرائيل» في السابع من أيار عام ٢٠٠٨، تحت شعارات وحجج وهمية وزائفة، في محاولة لتعطيل التحقيق الدولي بجريمة اغتيال الحريري وانشاء المحكمة الدولية، وفرضَ تسوية الدوحة، التي مكنته فيما بعد من التحكم بقرارات الحكومات ومصيرها، تحقيقا لاهداف وتطلعات النظام الايراني باستباحة لبنان خدمة لمصالحه.
لم تتوقف ممارسات وارتكابات حزب الله عند هذا الحد، وإنما امعن بتجاوزاته، تارة باسقاط حكومة الوحدة الوطنية، وتجاوز الاكثرية النيابية، وتارة اخرى بفرض تاليف الحكومة الموالية له، والاصرار على معاداة لبنان مع اشقائه العرب، واستعماله منصة لاستهداف الامن والاستقرار فيها، ما الحق الضرر بعلاقات اللبنانيين ومصالحهم مع الدول العربية، وادى الى بدايه التراجع الاقتصادي في لبنان، بعد انكفاء المستثمرين العرب والأجانب بفعل هذه الارتكابات والتجاوزات القانونية ومصادرة قرارات الحكومات والدولة اللبنانية بقوة السلاح.
لم يتوقف مخطط الحزب عند هذا الحد، ولم تنفع معه كل طاولات الحوار والتفاهمات السياسية، التي يعقدها مع باقي الاطراف السياسيين، وكان ينقلب عليها قبل أن يجف حبرها، فعطل انتخابات رئاسة الجمهورية بالقوة لاكثر من عامين ونصف بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وفرض انتخاب حليفه العماد ميشال عون للرئاسة الاولى، وعطل معه عمل حكومتي الرئيس سعد الحريري، الاولى والثانية في عهد عون، وافشل كل محاولات الاصلاح، والنهوض بالدولة، وتولى قمع المتظاهرين في انتفاضة تشرين الاول عام٢٠١٩ بالسلاح، ووجه المتظاهرين الموالين له في اكثر من مناسبة للتظاهر واستهداف حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يومذاك، وساهم بتاليف حكومة الرئيس حسان دياب الموالية له، وسهل سبل تسهيل التهريب من لبنان الى سوريا، لدعم نظام الرئيس بشار الاسد على حساب الشعب اللبناني، وعطل التحقيقات القضائية بتفجير مرفأ بيروت عمدا بالقوة.
تسبب حزب الله الذي أدين عناصر منه بارتكاب جريمة اغتيال الحريري من قبل المحكمةالدوليةالخاصةبلبنان، بتراجع الدورة الاقتصادية وتدهور قيمة العملة الوطنية، بسبب انتهاكه للقوانين والدستور واقامة المؤسسات المالية الخاصة به خلافا للقوانين واستباحة تهريب السلع والمحروقات بلا حسيب او رقيب.
اليوم وبعد تعطيل الحزب انتخابات رئاسة الجمهورية لاكثر من عام، في محاولة لفرض مرشحه سليمان فرنجية للرئاسة، وماتسبب به من فوضى سياسية وتراجع عمل المؤسسات والادارات العامة، زج بلبنان في الحرب مع إسرائيل بقرار ذاتي وبمعزل عن الدولة والشعب اللبناني، تحت شعارات مشاغلة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن الحرب العدوانية التي يشنها ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة تارة والتضامن مع الشعب الفلسطيني تارةاخرى،، ويتسبب بالحاق افدح الخسائر البشرية والمادية بالجنوب واهله، ويعرض لبنان كله لمخاطر وتداعيات غير محسوبة.
والمفارقة التي تسجل اليوم بهذه الذكرى المؤلمة، ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي بذل جهودا كبيرة، لحماية الجنوب واهله من خلال التوصل إلى تفاهم نيسان ١٩٩٦، دفع حياته ثمنا على يد من يفترض فيهم ان يحصروا سلاحهم بالدفاع عن الجنوب واهله، وليس لخدمة المخططات والمصالح الايرانية على حساب مصلحة اللبنانيين.